04‏/09‏/2012

إرحموا النازحين السوريين

واصف عواضة

إرحموا النازحين السوريين

إرحموا النازحين السوريين

ليس مفهوماً حتى الآن لماذا تصر جماعات سورية معارضة، على الاستمرار في احتجاز اللبنانيين في سوريا، وافتعال قضية لم يعد لها من نتيجة سوى رفع وتيرة معاناة اللاجئين السوريين في لبنان فوق معاناتهم. وليس مقنعاً بالتالي أن عصابات مسلحة تحت مسميات مختلفة بينها «أبو إبراهيم»، هي التي تقوم بهذه الأعمال، وأنها تقع خارج السيطرة في مساحات جغرافية تحكمها المعارضة السورية من جهة، وتغطيها دول فاعلة في المنطقة من جهة أخرى.

في البداية والنهاية مؤسف جداً أن يتعرض النازحون السوريون في لبنان لمثل هذه المعاناة. هؤلاء الأكارم الذين احتضنوا النازحين اللبنانيين في كل أوقات الشدة، وبذلوا الغالي والرخيص من أجل تخفيف آلامهم، سواء خلال الحروب اللبنانية الداخلية المتعاقبة، أم أثناء الحروب الإسرائيلية المدمرة التي كانت حرب تموز آخرها. وليس من لبناني يستطيع ان ينكر أن سوريا حكومة وشعباً، قدمت كل التسهيلات في أرضها للبنانيين في أوقات المحن، ومن حق السوريين علينا أن نبادلهم الوفاء والاحتضان في أوقات محنتهم. وفي كل الأحوال لا يفترض أن يشعر النازح السوري المدني المسالم في لبنان بأنه هدف خاضع للملاحقة تحت أي ظرف.

إلا أنه لا يجب أن يغيب عن البال أن الشعب اللبناني بكل فئاته يحرص كل الحرص على إخوته السوريين في لبنان، سواء أكانوا مع النظام أم ضده، وقد أثبتوا ذلك خلال الأزمة السورية منذ بداية العام الماضي، وأن ما يحصل في الفترة الأخيرة من عمليات خطف واحتجاز لبعض السوريين ليس إلا حالة من رد الفعل وليست الفعل نفسه. وعندما يزول الفعل المتمثل باحتجاز أحد عشر لبنانياً في شمال سوريا وكذلك المواطن حسان المقداد، لن يسامح أحد القائمين بردود الفعل أو المضايقة لأي لاجئ سوري في لبنان.

وعود على بدء، فإنه من حق أي لبناني أن يسأل عن الهدف الكامن وراء استمرار احتجاز اللبنانيين في سوريا، وقد تأكد أنهم ليسوا مسلحين ولا مقاتلين ولا متدخلين في الأزمة السورية الى جانب النظام. ولو كان الأمر كذلك لكان القتل مصيرهم منذ اللحظات الأولى، طالما القتل والذبح بات من علامات المحنة السورية وهو يعرض يومياً على الشاشات.

كان التصور في لبنان منذ اللحظة التي اختطف فيها الزوار اللبنانيون في شمال سوريا، أن الهدف من ذلك هو توتير الساحة اللبنانية بردود الفعل الشعبية لدى طائفة معينة. وقد تمكنت مراجع الطائفة من لجم التحركات وحولتها الى مطالبة سلمية، وصبر اهالي المخطوفين ثلاثة اشهر على مضض، من دون أن يبادر أحد الى معالجة هذه القضية ووضع حد نهائي لها. فالمبررات التي تقدم لغاية الآن لا تقنع أحداً، سواء كانت من المعارضة السورية أم من الدول الراعية، إذ كيف يمكن أن تتواصل وسائل الإعلام المتلفزة مع الخاطفين والمخطوفين بما يشبه المسرحية المبكية، ثم يأتي من يقول إنه لا يعرف مكانهم ولا الجهة الخاطفة، أو أنه لا يمون على الخاطفين.

لقد بات واجباً وضع حد لهذه «المهزلة» الموجعة لكل أطرافها. فالرسالة التي وجهها السيد حسن نصرالله من أن الوضع بات خارج السيطرة يفترض أن تقرأ جيداً، حرصاً على النازحين السوريين في لبنان بالدرجة الأولى، ورحمة بأهالي المخطوفين بالدرجة الثانية، وضناً بما تبقى من علاقات أخوة بين لبنان وسوريا بالدرجة الثالثة. فالأزمة السورية ستضع أوزارها عاجلاً أم آجلا، وليس عاقلاً من يراكم المزيد من الاحقاد بين الشعبين اللبناني والسوري، أياً كان شكل النظام في سوريا مستقبلاً.

السفير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح