15‏/05‏/2011

"شمشون" الداخلية و"دليلة" النظام!

 - واصف عواضة
اذا صح ان وزارة الداخلية كانت العقدة العاقدة لثلاثة اشهر ونصف الشهر في طريق تشكيل الحكومة العتيدة، فإن وزير الداخلية الجديد يفترض أن يتمتع بمواصفات غير تقليدية، كي ينجح في مهمته المستحيلة في هذه الوزارة "ذات السيادة". مطلوب وزير للداخلية يتجاوز زياد بارود في الآدمية والدماثة والحياد والاستقلالية والفصاحة والحنكة والمفهومية والعناد في الحق ونظافة الكف وقوة البأس، فضلا عن العضلات المفتولة التي لا تتوفر إلا في أبطال كمال الاجسام، وغير ذلك من المواصفات التي لا يصح ذكرها إلا في المجالس المغلقة(...). هذه الصفات في رجل الداخلية الاول قد لا تتوفر في لبنان، لأنه يقارب الشخصية الاسطورية "شمشون الجبار". واذا كانت وزارة الداخلية تستأهل في النتيجة كل هذا الصراع ومحضها كل هذه الأهمية، فذلك يعني ان أي حكومة جديدة في المستقبل سوف تقف عند أعتابها وتتوسل رضاها، ما يدعو الى النظر مستقبلا في إمكان تفكيكها أو تفريعها كي لا تظل عقدة العقد في الحكومات المقبلة. وزارة الداخلية في الواقع هي الوزارة الثانية بعد وزارة المالية، التي تدير دفة البلد، بينما الوزارات الأخرى هي وزارات تنفيذية على حد قول العماد ميشال عون. هذه الوزارة تضم اثني عشر جهازا ومديرية مرتبطة جميعها بالوزير شخصيا، وهي: مجلس الأمن المركزي، المفتشية العامة لقوى الأمن، هيئة إدارة السير والمركبات والآليات، جهاز أمن المطار، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، الدفاع المدني، مكافحة المخدرات، المديرية العامة للاحوال الشخصية، المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين، المديرية العامة للادارات والمجالس المحلية، المديرية الادارية المشتركة. وتتفرع عن هذه الاجهزة والمديريات مهمات الأمن والانتخابات وقوانينها والمحافظين والبلديات والجوازات وبطاقات الهوية والسير والمركبات الآلية وهموم اللاجئين الفلسطينيين وغير ذلك من المهام التي لا تعد ولا تحصى، وكلها مرتبطة بالوزير، ما يعجز عن متابعته بدقة ثلاثة من "الفطاحل". وعليه تتطلب وزارة بهذه المهام الجسيمة تفريعها الى ثلاث وزارات يمكن تدويرها على النحو الآتي: - وزارة الشؤون الأمنية وتهتم بالأمن الداخلي والعام وأمن المطار والسفارات والمؤسسات العامة والخاصة. - وزارة المجالس المحلية من بلديات ومخاتير ومحافظين وقائمقامين. - وزارة الشؤون السياسية والادارية وتهتم بالانتخابات وقوانينها والاحوال الشخصية واللاجئين. وإلا فإن "شمشون" نفسه لن يتمكن من إدارة هذه الوزارة بمهامها الحالية الفضفاضة، خصوصا أن "شمشون الجبار" كانت فيه نقطة ضعف تمكنت "دليلة" من اكتشافها وليّ ذراعه عندما قصّت له شعره وهو مكمن قوته، إلا اذا ارتأى أصحاب الحل والربط في لبنان اعتماد وزير للداخلية حليق الرأس، لكن ضربة الشمس قد تكون قاتلة لهذا الوزير، على أن غزارة شَعر زياد بارود لم تحمه من "دليلة النظام" في لبنان التي تستطيع أن تزرع أكثر من نقطة ضعف في أي وزير للداخلية مهما علا شأوه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح