15‏/04‏/2013

الأجوبة في جيب «السيد»

واصف عواضة - السفير 13 نيسان 2013


على الرغم من الأجواء التوافقية التي رافقت تكليف الرئيس تمام سلام تشكيل الحكومة الجديدة، وحملته الى نادي رؤساء الحكومات بأغلبية قاربت 97 في المئة. وعلى الرغم من شبه الإجماع الذي ساد في الجلسة النيابية التي أقرت قانون تعليق العمل بقانون الستين حتى التاسع عشر من شهر أيار المقبل. على الرغم من الكلام المرسل الذي يوحي بأن أقطاب السياسة اللبنانية اقتربوا من الوصول الى تفاهم على قانون انتخابي جديد يعتمد الزواج بين النسبي والأكثري. على الرغم من كل ذلك يلفت انتباه المراقبين في ظل هذا «الانفراج» الموعود، تصعيد الهجمة ضد مكون أساسي من مكونات البلد، ما يوحي بحملة شرسة متناغمة مع حملة خارجية مماثلة، وكأن المطلوب ليّ الذراع وشل الحركة والإخضاع لبرنامج مضمر أعدّ في ليل حالك.
منذ الأحد الماضي يتعرض «حزب الله» لهجوم مبرمج افتتحه النائب سامي الجميل في لقاء الكوادر الكتائبية، أتبعه «تيار المستقبل» ببيان لكتلته النيابية يوم الثلاثاء، ثم حوار مطول وأحاديث متكررة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فبيان للأمانة العامة لـ«قوى 14 آذار» يوم الاربعاء، ترافق ذلك مع تصاريح متقطعة لنواب هذا الفريق عبر الصحف والشاشات والأثير الإذاعي.
وفي مواجهة هذه الحملة، يعتصم «حزب الله « بالصمت والتقيّة، في حين يشدد على تسهيل مهمة الرئيس المكلف، من دون أن يتنازل عن ثوابته في تشكيل حكومة وحدة وطنية، واعتماد صيغة «الجيش والشعب والمقاومة» في البيان الوزاري.
لا يستغرب الحزب بالطبع هذه الحملة الجديدة القديمة، ويعرف أن الدروب الداخلية والخارجية المتبعة تفضي الى مطلب واحد هو رأس المقاومة «المزعجة» للكثيرين، ولغايات مختلفة، بدءاً بالأطراف المحليين، مروراً بالمعارضة السورية وقطاعاتها المتعددة و«جبهة النصرة» و«تنظيم القاعدة»، عبوراً بجامعة الدول العربية، وانتهاءً بإسرائيل والولايات المتحدة والغرب عموماً.
بالطبع من حق الحزب ان يقلق داخلياً، وأن يحسب ألف حساب للمرحلة المقبلة، اذ كيف يمكن التوفيق بين هذه الحملة والتسهيلات التي يقدمها للتكليف والتأليف وتجنيب الساحة اللبنانية الاضطراب والانفجار، في منطقة مشتعلة لا يمكن ان يكون لبنان جزيرة معزولة عنها، في وقت يسعى الحزب لإقناع جمهوره وبيئته بأن ما يقوم به ليس تنازلاً ولا تراجعاً ولا هزيمة ولا انتصاراً أيضاً، بقدر ما هو محاكاة للظروف الصعبة التي يمر بها البلد.
وليس سراً أن المحللين والمراقبين ينشطون ويجهدون هذه الأيام في تفسير وتأويل موقف «حزب الله» في هذه المرحلة.
ثمة من يرى أن الحزب قرر انتهاج سياسة عقلانية في هذه المرحلة بعدما ركن الى أن حليفه السوري بات آيلا الى السقوط المحتم. وهناك من يعتقد انه ينحني امام العاصفة بعد سقوط حكومة الرئيس ميقاتي التي وُصمت طوال سنتين بأنها حكومته، وأنه قد أُسقط في يده ويريد تحجيم الخسارة.
وثمة من يرى أبعد من ذلك، فيقول إن تفاهماً سعودياً ـ إيرانياً بدأ يتبلور على الساحتين اللبنانية والإقليمية تبعاً لتطورات الأمور، وفي مواجهة محور جديد، تركي ـ إسرائيلي، يصيغه الأميركيون وبدأت ملامحه منذ زيارة الرئيس باراك اوباما الى المنطقة، وهو ما يُملي على «حزب الله» الركون الى مرجعيته الإيرانية.
ويشير أصحاب هذا الرأي الى الزيارة اللافتة للانتباه التي قام بها السفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن أبادي الى «المرشح السعودي» في دارته في المصيطبة، والدعم الذي أبداه للرئيس المكلف.
على ان كل هذا الكلام يبقى في إطار التحليلات والتكهنات، لأنه لا يملك مفتاح هذه الأسئلة إلا قلة قليلة من الطقم السياسي اللبناني، لا شك أن قيادة «حزب الله» بينها. وعليه ليس سراً أن جمهور الحزب بحاجة الى أجوبة واضحة ومقنعة لا تشفي غليله إلا مباشرة من فم السيد حسن نصرالله.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح