19‏/01‏/2011

الحريري والفرصة السانحة

واصف عواضة
السفير- الاربعاء 19 ك2   2011
كانت فرصة ثمينة تلك التي وفرتها «الحقيقة ويكس» عبر تلفزيون «الجديد» للرئيس سعد الحريري، قد يكون التقاطها بسرعة فرصة لانتشال البلد من أزمته، وانتشال زعامته السياسية من المستقبل المجهول.
ربما من السذاجة الاعتقاد أن سعد الحريري طليق اليدين في اتخاذ قرار الطلاق مع المحكمة الدولية التي بدت في الفترة الاخيرة، على المكشوف، ورقة أميركية ثمينة في مواجهة «محور الشر» الرباعي في المنطقة. لكن محكمة تُباع وثائقها وتسجيلاتها الصوتية وتُشرى في سوق الخضار، كالبصل والفجل والبندورة، هي محكمة يُفترض أن تهتز ثقة الناس بها، وأولهم أولياء الدم الحريصون على معرفة الحقيقة. والأجدى بالرئيس الحريري الذي أحرجته التسجيلات الصوتية واضطرته الى الاعتذار ممن أهانهم أمام لجنة التحقيق، أن يكون أول المنتفضين على هذه المحكمة ولجانها ومحققيها الذين تاجروا بدم رفيق الحريري ورفاقه وباعوا أسرار التحقيق في سوق النخاسة.
ولعل أسخف ما نشر حول هذه التسريبات، ما جاء على لسان «مصدر مطلع» من ان طرفا ما (المقصود به «حزب الله») استولى على هذه التسجيلات لدى زيارة فريق من لجنة التحقيق الى عيادة الدكتورة إيمان شرارة في الضاحية الجنوبية. فإذا كان المحققون يحملون وثائق التحقيق ونصوصها الصوتية معهم في حلهم وترحالهم، يصبح العذر أقبح من الذنب نفسه، وتستحق عندها هذه المحكمة أكثر من نزع الثقة بها، لأن العبث بمصير بلد بكامله الى هذا الحد يستدعي اعتقال هؤلاء المحققين بتهمة سوء الأمانة.
لقد أعلن الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في خطبة الليلة العاشرة من شهر محرم الماضي، أن أحد المحققين الدوليين عرض وثائق التحقيق للبيع، وان الحزب رفض شراءها، لم يصدق البعض هذه الوقائع وراح يسخر ويهزأ من هذا الكلام. فماذا يقول هذا البعض اليوم وهو يستمع الى التسجيلات الصوتية التي لم ينكرها أصحابها، والحبل على الجرار كما تقول محطة «الجديد»؟
في أي حال، وافتراضا لحسن النيات، وبعيدا عن لغة النكد والتحدي، فإن الفرصة لا تزال سانحة للملمة شتات الازمة الحكومية والسياسية التي يغرق فيها لبنان. فالرئيس الحريري يعرف جيدا أن لا بديل من حكومة شراكة وطنية، على علاتها، حتى لو كان «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» خارجها، مع العلم أن المحكمة لم تعد العنصر الوحيد في الأزمة. ويعرف الحريري أكثر أنه لن يستطيع التقليع بحكومة اللون الواحد، لا هو ولا أي رئيس مكلف قد تختاره المعارضة في ظل «المعادلة القسرية» التي باتت تحكم البلد، معادلة الشراكة السنية الشيعية. وحسنا فعل رئيس الجمهورية بتأجيل الاستشارات الملزمة، لعل وعسى تكون الايام الفاصلة عن الاثنين المقبل فرصة تأمل للزعيم الشاب الذي يُفترض به أن يقتنع بأن كل زعامات العالم وسفاراتها ومخابراتها، لا تغنيه عن الاتفاق مع شركائه في الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح