01‏/04‏/2011

قبل أن تحترق الأصابع

 
السفير اول نيسان 2011
واصف عواضة
لا يريد أحد أن يصدق أن عقدتي زياد بارود وفيصل كرامي تعطلان تشكيل الحكومة الميقاتية الجديدة. في رأي الناس أن ثمة «قطبة مخفية» وراء التأخير، ودائما تتجه الانظار الى الخارج باعتبار ان اللبنانيين أعجز من ان يشكلوا وحدهم حكومتهم «الكونية».
كان مفهوما في السابق أن يتأخر لبضعة أشهر، تشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري التي تصرّف الاعمال حاليا، على أساس ان فريقين متناقضين يسعى كل منهما الى تحقيق أفضل المكاسب السياسية الممكنة في تلك الحكومة. لكن من غير المفهوم أن تستنزف حكومة الفريق الواحد، كما يدعي الجميع، كل هذا الزمن والاجتماعات والاتصالات، بحجة الحصص و«الفيتوات» المتبادلة على شخصيات ووزارات توصف بالسيادية، إلا اذا كان الفريق الواحد فرقاء جمعت بينهم الضرورة.
قد يكون مبررا لهذا الفريق التذرع لبعض الوقت بالتطورات العربية الساخنة التي تشهد منذ شهرين وأكثر تحولات تاريخية. إلا انه ليس من الحكمة بشيء ان يظل لبنان بلا حكومة في ظل هذه التطورات التي لا يبدو لها أفق. فما هو مطلوب من حكومة لبنان المقبلة ليس مواكبة الشأن العربي بقدر إدارة الشأن اللبناني الداخلي الذي يتهاوى شيئا فشيئا في كل الميادين الحياتية والمعيشية والادارية. ولعل القليل من التواضع يفضي الى قناعة بأن هموم العالم الآن ليست في لبنان، وبأن حكومات لبنان ليست بالفعل حكومات «كونية».
أمام هذا المشهد الغامض ثمة ملاحظتان منطقيتان:
الاولى، أن العقد المطروحة أمام التأليف، أو المحكي عنها على الأقل، ليست مقنعة ولا مبررة ولا مقبولة. وعلى الرئيس نجيب ميقاتي ان يعرف ان كل يوم يمر من رصيد التأليف بات يأكل من رصيده الشخصي المباشر دون غيره من القوى السياسية التي تمتلك أرصدة تتعزز لدى جماهيرها. لقد دخل ميقاتي نادي رؤساء الحكومات قبل ست سنوات ونجح، ومن حقه اليوم أن يطمح الى زعامة سياسية هو مؤهل لها، وقد لا يخفى عليه ان إضاعة الفرصة الحالية قد تكون قاتلة سياسيا.
الثانية، ان استمرار التعثر في تشكيل الحكومة في ظل المتغيرات والتحولات العربية، قد يفضي غدا الى تسوية سياسية تُفرض على لبنان من الخارج، وتطيح ميقاتي لمصلحة «حكومة ملوّنة» بقيادة زعيم سياسي يقف وراء الباب، وهو ما أوحت به صحف ووسائل إعلام لبنانية وعربية قبل أيام. تسوية مفروضة من هذا النوع «من أجل مصلحة لبنان واستقراره» من شأنها أن تحرق أصابع الكثيرين في الاكثرية الجديدة اذا ما اضطروا للسير فيها، وفي الطليعة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، فضلا عن الرئيس المكلف نفسه. من هنا تصبح «حكومة كيفما كان» أفضل من الوضع القائم ومما قد يكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح