29‏/04‏/2011

حيث لا ينفع القلق!

 

- السفير29 نيسان 2011 -واصف عواضة
القلق قاسم مشترك هذه الايام بين جميع اللبنانيين على السواء، مسؤولين وسياسيين وأحزاباً ومواطنين عاديين. وكاذب من يدّعي انه مسكون بالاطمئنان الى المستقبل. صحيح ان القلق يعيش مع اللبنانيين منذ امد طويل، لكنه بلغ حده الأقصى في هذه المرحلة.
عاملان رئيسيان وراء القلق: واحد محلي على صلة بالانهيارات المتلاحقة في كل المجالات الداخلية، وآخر إقليمي نتيجة التحولات العربية، وتحديداً ما تشهده سوريا التي نعتبر انفسنا وإياها «شعباً واحداً في بلدين».
الاوضاع الداخلية لا تبعث على نذر من الاطمئنان، يعزز ذلك عجز عن تشكيل حكومة تمسك بتلابيب الازمات المتصاعدة، لدرجة ان البلد سائر برعاية ربانية لن تدوم طويلا، لأن استقرار الدول والبلدان لا يتحقق بالدعاء وحده. الاوضاع مزرية في لحظة تخل وسط غياب كامل للمسؤولية الوطنية التي لا يعرف المواطنون من الذي يتحمل اوزارها في هذه الايام. ولعل ما تنشره «السفير» من مؤشرات اقتصادية يبعث فعلا على القلق الشديد، في وقت تبشر وزيرة المالية ريا الحسن بأن وزارتها تبحث عن مصادر تمويل لرواتب القطاع العام والتزامات الدولة، وهي المتراس الأخير قبل الانهيار.
الاوضاع المحيطة ليست أقل بعثاً على القلق. الدول العربية التي تسند خابية لبنان عادة، هي في عالم آخر، حيث الشعوب مستنفرة والحكام يحاولون الحفاظ على عروشهم، والدول الكبرى تسعى لترتيب مستقبلها في منطقتنا الغنية بالخيرات. لكن ما يقلق اللبنانيين في هذه اللجّة هو حالة الشقيقة التوأم التي يجتمع اللبنانيون، على قلة توافقهم، على ان مستقبلها يحدد مستقبل لبنان ومصيره. فلطالما كانت سوريا على الدوام مؤثرة مباشرة في الشأن الداخلي اللبناني، من اختيار رئيس الجمهورية حتى تعيين الحجاب والنواطير، بفعل الجغرافيا السياسية والأمن والمصير المشترك. ولطالما «ناضل» لبنانيون لفصل هذه الولادة السيامية بين البلدين فلم يفلحوا، بل دفع لبنان أكلافاً عالية نتيجة ذلك.
وسط هذا البحر الهائج من القلق ثمة بقعة ضوء تستند الى مصادر «مفرطة في الاطلاع والتفاؤل»، تشير الى ان تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة بلغ مراحله الأخيرة وأن ولادتها السعيدة قريبة، وهذا من شأنه ان يخفف بعض دواعي القلق الداخلي. اما القلق المتسرب من وراء الحدود فتطمئن المصادر نفسها الى ان سوريا بدأت تتجاوز أزمتها باتجاه نوع من الاستقرار يجنب لبنان احتمال الانفجار الكبير.
سواء صحت هذه التوقعات أم لا، ثمة نظرية «خنفشارية» للبعض، لكنها مجدية في علم النفس، تقوم على عدم جدوى القلق. فالمشكلة التي لها حل لا ضرورة معها للقلق، اما المشكلة التي لا حل لها فلا جدوى للقلق معها. وعلى اللبنانيين ألا يقلقوا حيث لا ينفع القلق!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح