27‏/03‏/2012

قبل ان تُقرع الاجراس على الحكومة

واصف عواضة
لا يجب ان يكون الرئيس نجيب ميقاتي سعيداً بحكومته. يفترض أنه كان يطمع بحكومة منتجة أفضل مما هي عليه. لكن الرياح جرت وتجري بما لا تشتهي السفن.
صحيح أنه كان من البداية يحسب ألف حساب للصعوبات والعقبات التي ستواجه هذه الحكومة بتركيبتها المعقدة، لكنه بالتأكيد لم يكن يراهن على هذا الشلل الذي يفرمل أعمالها وإنجازاتها المفترضة.
وصحيح أيضاً أن الحكومة برئيسها ومكوناتها وفرت للبلد منذ تشكيلها نوعاً من الاستقرار الأمني، لكن دفتر الحكومات لا يسجل هذا الامر في صفحة الانجازات الكبرى التي تكتب للعهود. وليس سراً ان العهود بعد الطائف لم تعد تحسب على رئاسة الدولة بل على رئاسة الحكومة التي باتت الحاكم الفعلي للبلد. ومن البديهي ان يكون ميقاتي طامعا بسجل ذهبي لعهده في الحكومة الحالية.
مجلس النواب أيضاً بات يشبه الحكومة في حالة الشلل، إذ منذ اشهر لم يستطع هذا المجلس إقرار قوانين «عليها القيمة» وبينها مشاريع أرسلتها الحكومة.
قياسا على هذا الواقع، ثمة رأي متداول في الحكومة وخارجها ان عمرها بات مهددا، وان مقولة استمرارها حتى الانتخابات النيابية المقبلة لم تعد مضمونة. وليس مستبعدا في حال استمرار الشلل الحكومي والبرلماني على ما هو عليه ان ترتفع أصوات منادية بانتخابات نيابة مبكرة للخروج من حالة الجمود تفاديا لانفراط عقد الحكومة الحالية والدخول في مرحلة طويلة من تصريف الاعمال. وقد تكون الانتخابات المبكرة اقل سوءا في نظر البعض من الذهاب الى الانتخابات وعلى كاهله حكومة فاشلة.
وليس سرا ان «التيار الوطني الحر» بدأ يضيق ذرعا بالواقع الحكومي. وقد راح أركانه في السر والعلن يعدون العدة لمرحلة مقبلة تقوم على أحد خيارين: إما تغيير النهج الحكومي بما يضمن الانتاج والإنجاز والنجاح، او الخروج منها وغسل اليد من دم هذا الصديق. فـ«التيار» الذي راعى رغبة حلفائه كثيرا، اكد من بداية الطريق انه لن يصل الى عتبة الانتخابات النيابية بحكومة فاشلة تكون مادة دسمة لخصومه للانقضاض عليه.
في احتفال تأبيني اقيم يوم الجمعة الماضي في بلدة الناقورة الحدودية، لاحظ النائب نواف الموسوي «ان حربا جديدة قد فتحت في لبنان بإشارة من مساعد وزير الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان» الذي دعا قوى 14 آذار الى الاستعداد للانتخابات النيابية والرهان عليها لتغيير المعادلة. لكن الموسوي رأى من دون مواربة «ان حرب الانتخابات سوف تتركز في الساحة المسيحية، وسيكون هدفها التيار الوطني الحر، لأن رصيد التيارات المحسوبة على الشيعة والسنة غير قابل للاهتزاز وفقا للتقديرات وللدورات الانتخابية السابقة. ولذلك فإن الرهان معقود على إضعاف «التيار الحر» وتحجيمه لكسب المعركة». ولم تفت الموسوي الإشارة الى ان الحرب على «التيار» بدأت من خلال مواجهة وإسقاط كل المشاريع التي يطرحها وزراؤه ونوابه في الحكومة ومجلس النواب.
أحد الحاضرين سأل الموسوي على هامش هذا الخطاب: هل تعتقد ان العماد ميشال عون سيصمد في الحكومة حتى الانتخابات؟ وفي هذه الحال، الن يحرجكم خروجه من الحكومة؟.. أجاب الموسوي: «ممكن ما يحرجنا». وفهم السائل ان «حزب الله» لن يكون آسفا على رحيل الحكومة اذا ما استمر الجمود يحكم مسيرتها.
وفي اي حال من يرصد تذمر الرئيس نبيه بري المتكرر من الحكومة، يشعر انها دخلت مرحلة الخطر. ويبدو ان جلسة مجلس الوزراء غدا ستكون «مكهربة بامتياز» ما ينذر بارتفاع منسوب الخطر. وبدل ان تُقرع الأجراس للحكومة، يُخشى من الآن وصاعدا ان تُقرع عليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح