26‏/07‏/2011

السفراء الاجانب والخطوط الحمر

واصف عواضة
السفير 26 تموز 2011
يتحول السفراء الاجانب في لبنان في فترة وجيزة، الى نجوم ينافسون السياسيين والاعلاميين والفنانين وارباب الطرب وابطال الافلام والمسلسلات التلفزيونية والسينمائية، لكثرة اطلالاتهم على الشاشات.
اكثر من ذلك يستطيع اي سفير او ملحق في السفارة ان يسرح ويمرح ويلقي الخطب من دون استئذان في طول لبنان وعرضه، وغالبا ما تكتشف اجهزة الأمن جولته قبل وزارة الخارجية. لم يستطع وزير خارجية واحد في تاريخ لبنان كبح جماح هؤلاء الدبلوماسيين والزامهم بالقوانين والبروتوكولات الدبلوماسية التي تمنع عليهم التصريح وابداء الرأي في الشؤون الداخلية اللبنانية بسبب ومن دون سبب.
كان مبررا هذا الواقع قبل الاستقلال لبعض السفراء والقناصل والمفوضين السامين الذين كانت بلدانهم تستعمر بلدنا او تفرض حماياتها على الطوائف والملل والنحل، فما الذي يبرر لهؤلاء هيمنتهم على الشاشات ووسائل الاعلام في بلد ذي سيادة؟
طبعا لا يتحمل السفراء وحدهم مسؤولية الفلتان الدبلوماسي الذي يسود لبنان. كبار المسؤولين اللبنانيين، رؤساء ووزراء، يتحملون مسؤولية فتح منابرهم للسفراء والدبلوماسيين الذين يلهجون بكبيرة القضايا الداخلية وصغيرتها. ايضا النواب والسياسيون الذين يُتخِمون السفراء بالدعوات والمآدب، وغالبا من دون استئذان الخارجية او معرفتها، يتحملون بدورهم عبء الافراط الدبلوماسي في الكلام المباح والمواقف الرنانة والمآكل الشهية، لدرجة ان احد السفراء الاجانب شكا ذات يوم لزميل لبناني من ان وزنه زاد في لبنان في ثلاث سنوات اربعين كيلوغراما. ايضا وايضا الاعلاميون اللبنانيون يتحملون قسطا وافرا من المسؤولية حين يستجوبون الدبلوماسيين، علنا وعلى رؤوس الاشهاد، في ادق التفاصيل السياسية الداخلية ومواقف حكوماتهم منها، بما في ذلك تعيينات الوزراء والموظفين الكبار والصغار.
في المقابل، يعاني السفراء اللبنانيون في الخارج، شأنهم شأن غيرهم من الدبلوماسيين، ضائقة نجومية، بحيث تحسب اطلالاتهم وتصريحاتم بالثواني والأحرف، لأن القانون الدبلوماسي يحرّم عليهم الكلام المطلق ومن دون حساب، خاصة التدخل في شؤون البلدان المعتمدين فيها. ولولا بعض المصائب والويلات التي تحل بالمغتربين اللبنانيين وتصدي الدبلوماسيين لها، لما سمع اللبنانيون بأسماء سفرائهم في الخارج، فيما هم يعرفون جيدا كل السفراء الاجانب في لبنان الذين ينافسون مذيعي النشرات الاخبارية في اطلالاتهم على الشاشات.
يروي احد السفراء اللبنانيين السابقين في احدى الدول الاوروبية المهمة ان وزير خارجيتها تمنّع عن استقباله خلال حرب تموز 2006 على الرغم من الحاح السفير على ذلك اربع مرات متتالية، ما اضطر هذا الاخير الى جمع ستة سفراء عرب للاجتماع بمعالي الوزير الاوروبي لشرح نتائج العدوان الاسرائيلي على لبنان. وفي النتيجة خرج السفير من حضرة الوزير بتهمة الانتماء الى «حزب الله».
في الخلاصة، يستحق هذا الموضوع التوقف امامه بحزم من قبل وزير الخارجية الجديد عدنان منصور، صاحب الباع الطويل في الاعراف الدبلوماسية. وليس من الحكمة ان يُترك الوزير وحده في مغالبة هذا الموضوع، بل ان تتوقف امامه الحكومة بقليل من الجدية لكبح جماح الدبلوماسيين والسياسيين والاعلاميين معا، وتطبيق الاصول الدبلوماسية الدولية والتعامل بالمثل، ليشعر اللبنانيون بأننا في دولة ذات سيادة، ولو بالشكل، لأن الشكل يكاد يعادل المضمون في هذا الموضوع. ولنتعلم على الأقل من وليد المعلم وزير خارجية سوريا، ان للسفراء حدودا، وان لسيادتهم خطوطا حمرا داخل الحدود اللبنانية.

24‏/07‏/2011

الفتنة التي لم تعد نائمة


السفير 23 تموز 2011
واصف عواضة
ليس بالضرورة ان تكون الفتنة المذهبية حربا وقتالا ونزالا مسلحا في الشوارع بين فريقين جامحين. يكفي ان تبرز تجلياتها في النفوس والنصوص والممارسة وفي المجالس والخطب ووسائل الاعلام كي تكون فتنة من الطراز الرفيع الذي لم يعد نائما. فما تعيشه الامة هذه الايام من تحريض ودسائس وتعصب أعمى بين السنة والشيعة, يستحضر حرب الجمل ومعركة صفين ووقعة الطف وما تلى هذه المواقع، ينذر بشر مستطير لا يفيد معه ترداد مقولة «لن تكون فتنة».
ثمة حرب باردة بين السنة والشيعة في طول العالم العربي وعرضه, تمتد بذورها الى العالم الاسلامي . ولم يعد نافعا إغماض العين عنها لتلافيها لدى حسني النيات. وليس سرا ان هذه الحرب تتغذى على وهج الثورات والفورات الديموقراطية والدعوات الى الحريات تحت مسمى «الربيع العربي», وهو بريء من هذا الدم المستباح على نية الفتنة.
في وسائل الاعلام، جدال ودس وتحريض على المكشوف تتولاه بعض الفضائيات العربية التي تنبت كالفطر، يتصدرها معممون ومكففون ومجببون لا تنقصهم زرابة اللسان ولا تحوير الاحاديث الشريفة ولا الاجتهاد في تفسير الآيات الكريمة, كل وفق غايته ومبتغاه، ما يؤسس في نفوس الاجيال الطالعة عصبيات وأحقادا يصعب ان تزول مفاعيلها بين ليلة وضحاها.
في بيوت الله التي أُذن ان تُرفع ويُذكر فيها اسمه، خطب ومواعظ تندى لها الجباه ويخجل من سعيرها العلماء والفقهاء والدارسون، ويألم لها السلف الصالح، من الرسل والصحابة الصالحين وآل البيت الأكرمين الذين يُجلدون كل يوم بسياط التجني والرياء والكذب على الله ورسوله.
في المجالس الخاصة جدل عقيم يستحضر الفتنة الكبرى بين عليّ ومعاوية, والحسين ويزيد, والفتاوى القاتلة لأئمة الفقه والتكفير. جدل عقيم لا يصل الى نتيجة، حول تاريخ جلّه ملفق، وقد تجاوزه الزمن ورفضه المفكرون والمجتهدون والمصلحون في هذه الأمة من محمد عبده الى محمد حسين فضل الله.
في بعض العالم العربي اليوم نفحة عنصرية تُحاسب على الشبهة وتمنح البراءات على الهوية المذهبية ، لدرجة ان بعض طالبي الرزق بدأوا يبدّلون مذاهبهم ليحفظوا لقمة عيشهم، ذنبهم الوحيد انهم ولدوا ولبسوا ثوبهم المذهبي من دون ان يُستشاروا، على حد قول عمر الخيام :
لبست ثوب العيش لم أُستشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
في العالم العربي والاسلامي اليوم، صار كلام بديهي لشيخ الأزهر يدعو الى الوحدة الاسلامية وينادي بالتقارب بين السنة والشيعة، يستجلب المديح والثناء وآيات الشكر والتبجيل، فيما الاسلام واحد والرب واحد والنبي واحد والصلاة والحج والطقوس كلها واحد بواحد.
الفتنة لم تعد نائمة ولم تعد بذورا. لقد صحت وشقت الارض واشتد عودها، وواهم من يعتقد انها يمكن ان تزول بتجاهل وجودها او مجرد الدعوة الى اجتنابها. ثمة عمل جدي يفترض ان يبدأ لاجتثاثها وقطع ارزاق المروجين لها والمستفيدين منها قبل ان تتحول حربها الباردة الى حرب ساخنة لا تبقي ولا تذر. والله على ما نقول شهيد

14‏/07‏/2011

خـــذوا الحـكـمــة مــن جـنـبـــلاط

واصف عواضة
ليس من باب التوهم ولا التهويل مجاراة وليد جنبلاط، في استشعار الخطر الداهم على لبنان في ظل الانقسام الذي يعيشه البلد حول الحكومة والمحكمة وسلاح المقاومة وأشياء أخرى غير منظورة. فما يشهده لبنان والمنطقة من أحداث يتفاعل معها العالم بأسره، يفترض أن يكون مدعاة للقلق والهواجس التي تدفع الكثيرين للدعوة الى تجديد الحوار بين الفرقاء اللبنانيين، ولو من حيث الشكل في هذه المرحلة الدقيقة. ولعل الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم حول مستقبل لبنان، لا يكفي المؤمنين شر القتال والفتنة التي يُستدرج اليها اللبنانيون كما تُستدرج الشاة الى سكين الجزار.
صحيح أن وليد جنبلاط لم يقدم حلولا للمرحلة المقبلة، ولم يدّع أنه يملك الدواء السحري لمعالجة الأزمة، لكنه فتح كوة صغيرة في الجدار المقفل، تقوم على استئناف الاتصالات والتحاور بين الرئيس سعد الحريري من جهة والرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله من جهة ثانية، اذ من شأن هذا الاقتراح أن يخفف على الأقل من حدة الاحتقان غير المسبوق الذي عبرت عنه جلسات الثقة في المجلس النيابي الاسبوع المنصرم.
لم يدّع وليد جنبلاط الحكمة يوماً في طائفة تتصف بالحكمة وتحمل كتابها. ولطالما وقف بجرأة يعترف بأخطاء ارتكبها في مسيرته السياسية. لكنه منذ السابع من أيار 2008، قرأ الزعيم الدرزي جيدا في «كتاب الحكمة» السياسية، واتخذ على هذا الاساس مواقف شجاعة تخالف الذوق العام لطائفته التي انقبض معظمها من مواقفه. لكنه استطاع خلال السنوات الثلاث الماضية ان يسحب نظريته على عقلاء قومه والمشاغبين معا، بأن خسارة موقف سياسي أفضل بكثير من خسارة طائفة وبلد في حرب لا تبقي ولا تذر.
يعرف جنبلاط أن المطلوب واحد وهو رأس المقاومة. ويعرف أن مثل هذا الهدف ليس يسير المنال. يعرف أن وراء المقاومة جمهورا واسعا، وبالتالي طائفة كبيرة ستدافع عنها بأسنانها. ويعرف ايضا أن الاستمرار في هذا الهدف قد يضعف المقاومة أو ربما يهزمها اذا ما تكالبت قوى الشرق والغرب عليها، لكنه يعرف ايضا أن مثل هذا الأمر لن يُبقي في لبنان حجراً على حجر. والنموذج الليبي خير مثال على ذلك. عندها سيحكم الحالمون برأس «حزب الله» على أطلال بلد لن تقوم له قيامة.
لم يكن متوقعاً من سعد الحريري الاستجابة الكاملة لتمنيات وليد جنبلاط بالحوار مع بري ونصر الله، ربما لأن الهامش الزمني بين كلام الاول والثاني كان ضيقاً، ولم يتح للحريري التفكر جيدا في كلام جنبلاط. وهو ترك الباب مفتوحا للقاء بحضور شهود. هكذا نريد أن نفترض. ولكنّ ثمة وقتاً للتفكير جيدا، خصوصا أن الرئيس نبيه بري فتح الباب أمام مصالحة حقيقية في لبنان. ولا يزال الباب مفتوحا ولم تضع الفرصة. المهم أن يعود سعد الحريري الى البلد طالما لا أسباب أمنية تمنعه عن ذلك كما يقول. وليقرأ فقط في كتاب رفيق الحريري الذي أحسن التعاطي مع حسن نصر الله، حتى لا يقع الهيكل على رؤوس الجميع. وليأخذ الحكمة من وليد جنبلاط. فحتى الآن لا بديل من سعد الحريري شريكاً في هذا الوطن.
واصف عواضة

05‏/07‏/2011

وا سـيـاحـتـاه

واصف عواضة
السفير 5 تموز 2011
كاد الرئيس نجيب ميقاتي، وهو يستمع الى الرئيس فؤاد السنيورة من «البريستول» يدعوه إلى «الاعتراف او الرحيل»، يتوهم نفسه عاهلا لإحدى الممالك العربية، او شيخا دائما لإمارة او زعيما مؤبدا، وليس رئيسا لحكومة لبنانية «لو دامت لغيره لما آلت اليه». لكن الرجل يعرف أكثر من غيره ان السنيورة والمتحلقين حوله ليسوا من «شباب الثورة»، ولا الفندق العريق في قلب بيروت هو «ميدان التحرير».
الذين صاغوا بيان قوى الرابع عشر من آذار يوم الأحد الماضي استوحوا بلا شك مقولتهم للرحيل من «الربيع العربي» الذي يزعم بعضهم أن لبنان كان محركه الاساسي من خلال «ثورة الأرز». ولأن «الربيع العربي» ما يزال زاهرا، من تخوم المغرب الى حدود اليمن، كان اللبنانيون يعوّلون على موسم سياحي واعد يشهد نزوحا عربيا وخارجيا تضيق به بلاد الارز. لكن استنساخ الثورات العربية في لبنان بهذا الشكل الساخر، سيكون من نتائجه على الارجح زحف اللبنانيين الى الخارج، واستنكاف آخر مغترب لبناني عن القدوم الى لبنان، لا سيما بعد حفلات «الزجل» التي يعد بها شعراء النكد السياسي، ولسوف يشهدها المقيمون والمغتربون والسياح العرب، ابتداء من اليوم في مجلس النواب.
لم يغب عن بال هؤلاء في صراعهم مع نجيب ميقاتي ودعوته إلى الرحيل أننا على أبواب الصيف والموسم السياحي الذي تنتظره شرائح لبنانية عدة، لتعويض الركود الاقتصادي الذي يضرب البلاد. وربما لا يغيب عن بالهم ايضا ان نجيب ميقاتي الذي أنعم الله عليه بالكثير (اللهم لا حسد)، وكذلك كل أقطاب الحكومة، سيكونون آخر المتأثرين بضرب الموسم السياحي، لأن الله أعزّ معظمهم عن الحاجة الى قروش السياح ودنانيرهم. وبالتأكيد فإن معظم أقطاب 14 آذار ليسوا اول المتضررين ولا آخرهم من غياب السائحين والمصطافين عن ربوع الوطن.
ان النتيجة المباشرة لهذا الواقع المرير، هي حرمان لبنان من بعض المداخيل التي تسند خابية الفقراء ومتوسطي الحال الذين يعملون في المراكز والمرافق السياحية والتجارية، فضلا عن اصحاب هذه المرافق الذين لن يجدوا بدا من صرف الآلاف من العاملين والاستغناء عن خدمات الموسميين منهم. وقد لا يخفى على أحد ان معدلات الجريمة، من السرقة والنشل وتجارة الممنوعات والنصب والاحتيال، تتفاقم عادة على ارتفاع معدلات البطالة والحاجة والعوز، وسوف تتفاقم اكثر في لبنان مع موسم سياحي مضروب.
ان سياسة «لحس المبرد» التي يمارسها بعض الساسة اللبنانيين، لن تنتج إلا حربا أهلية جديدة لا تبقي ولا تذر. وإذا كانت الحرب الماضية قد حصدت العشرات من الشخصيات السياسية قتلا واغتيالا وتهميشا، فإن الحرب المقبلة لن توفر هؤلاء الذين يقودون البلد الى مصير مجهول. فهل من يعتبر؟
«ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».

عندما يُتهم الشيعة ظلماً بقتل الزعيم السنّي

عندما يُتهم الشيعة ظلماً بقتل الزعيم السنّي

واصف عواضة
يشعر الشيعة في لبنان، بنهريهما الكبيرين والجداول، بنوع من المرارة وهم يراجعون السنوات الست الماضية، حيث دارت الدوائر وحطت اخيرا في احضانهم، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، على الرغم من المحاولات العقيمة الجارية لدفع الاتهام عن الطائفة وعن الحزب الذي باتوا يعتبرونه جزءا من روحهم وقطعة من اجسادهم، وحصره في عدد من الاشخاص.
فعلى الرغم من حالة اللامبالاة التي يتعاطى معها الشيعة اللبنانيون ظاهريا مع القرار الظني الصادر عن المدعي العام الدولي دانيال بلمار، فان في نفوسهم اكثر من سؤال حول المستقبل الذي ينتظر شريحتهم الانسانية بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية في لبنان والخارج. هم كانوا يعرفون سلفا ان الاتهام سيوجه الى عناصر من «حزب الله» في هذه القضية، حيث كاد السيد حسن نصر الله في اكثر من مناسبة طوال السنتين الماضيتين، يتلو عليهم نص القرار الظني وربما الحكم النهائي، قائلا لهم: خذوا من ذقني لن يغيروا حرفا من القرار المرسوم سلفا.
ليس سهلا في المنطق السياسي على الاقل، وفي بلد كلبنان تحيطه منطقة ملتهبة بالعصبيات، ان تُتهم عناصر شيعية بقتل الزعيم السنّي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ردحا طويلا من الزمن.
ربما لا يشعر الشيعة اللبنانيون بالخوف والرعب كما يتراءى للبعض، لأن في حاضرهم وماضيهم وعقيدتهم فائضا من القوة المعنوية والمادية. لكن الاحساس بالظلامة الواقعة عليهم جراء هذا الاتهام، يحيي في نفوسهم تاريخا طويلا من الشعور بالعزلة القاتلة لهم ولوطنهم، وفي مكنونهم ان ذنبهم الوحيد انهم قاتلوا اسرائيل وانتصروا عليها وأخرجوها من ديارهم بعدما دفعوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
ان اكثر ما يقلق الشيعة في لبنان في هذه المرحلة، دفعهم الى فتنة مذهبية سعت قياداتهم طويلا الى درئها عن البلد، خصوصا وهم يستمعون الى الخطب التحريضية عبر الشاشات المحلية والفضائية، وهم يعرفون سلفا ان سقوط الهيكل سوف يكون على رؤوس الجميع، وللاسف ثمة من يسعى في لبنان والخارج الى هذا الهدف الدنيء، لكنهم في الوقت نفسه يعولون على الخطاب العقلاني لرئيس حكومتهم الجديد نجيب ميقاتي وغيره من الشخصيات والشرائح الشعبية السنيّة التي تحرص على استقرار البلد وسلمه الاهلي.
ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر مساء اليوم خطاب السيد حسن نصر الله. والرهان كبير وأكيد على ان «السيد» لن يخرج عن المسلمات والمبادئ الاساسية التي تمنع الفتنة. ويبقى على المراهنين على الفوضى من اجل تحقيق غايات واهداف صغيرة، ان يضعوا في حسبانهم انه قد لا يبقى وطن يحلمون بالتربع على عرشه اذا ما استمروا في سياسة «علي وعلى اعدائي يا رب».

عندما يُتهم الشيعة ظلماً بقتل الزعيم السنّي

واصف عواضة
يشعر الشيعة في لبنان، بنهريهما الكبيرين والجداول، بنوع من المرارة وهم يراجعون السنوات الست الماضية، حيث دارت الدوائر وحطت اخيرا في احضانهم، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، على الرغم من المحاولات العقيمة الجارية لدفع الاتهام عن الطائفة وعن الحزب الذي باتوا يعتبرونه جزءا من روحهم وقطعة من اجسادهم، وحصره في عدد من الاشخاص.
فعلى الرغم من حالة اللامبالاة التي يتعاطى معها الشيعة اللبنانيون ظاهريا مع القرار الظني الصادر عن المدعي العام الدولي دانيال بلمار، فان في نفوسهم اكثر من سؤال حول المستقبل الذي ينتظر شريحتهم الانسانية بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية في لبنان والخارج. هم كانوا يعرفون سلفا ان الاتهام سيوجه الى عناصر من «حزب الله» في هذه القضية، حيث كاد السيد حسن نصر الله في اكثر من مناسبة طوال السنتين الماضيتين، يتلو عليهم نص القرار الظني وربما الحكم النهائي، قائلا لهم: خذوا من ذقني لن يغيروا حرفا من القرار المرسوم سلفا.
ليس سهلا في المنطق السياسي على الاقل، وفي بلد كلبنان تحيطه منطقة ملتهبة بالعصبيات، ان تُتهم عناصر شيعية بقتل الزعيم السنّي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ردحا طويلا من الزمن.
ربما لا يشعر الشيعة اللبنانيون بالخوف والرعب كما يتراءى للبعض، لأن في حاضرهم وماضيهم وعقيدتهم فائضا من القوة المعنوية والمادية. لكن الاحساس بالظلامة الواقعة عليهم جراء هذا الاتهام، يحيي في نفوسهم تاريخا طويلا من الشعور بالعزلة القاتلة لهم ولوطنهم، وفي مكنونهم ان ذنبهم الوحيد انهم قاتلوا اسرائيل وانتصروا عليها وأخرجوها من ديارهم بعدما دفعوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
ان اكثر ما يقلق الشيعة في لبنان في هذه المرحلة، دفعهم الى فتنة مذهبية سعت قياداتهم طويلا الى درئها عن البلد، خصوصا وهم يستمعون الى الخطب التحريضية عبر الشاشات المحلية والفضائية، وهم يعرفون سلفا ان سقوط الهيكل سوف يكون على رؤوس الجميع، وللاسف ثمة من يسعى في لبنان والخارج الى هذا الهدف الدنيء، لكنهم في الوقت نفسه يعولون على الخطاب العقلاني لرئيس حكومتهم الجديد نجيب ميقاتي وغيره من الشخصيات والشرائح الشعبية السنيّة التي تحرص على استقرار البلد وسلمه الاهلي.
ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر مساء اليوم خطاب السيد حسن نصر الله. والرهان كبير وأكيد على ان «السيد» لن يخرج عن المسلمات والمبادئ الاساسية التي تمنع الفتنة. ويبقى على المراهنين على الفوضى من اجل تحقيق غايات واهداف صغيرة، ان يضعوا في حسبانهم انه قد لا يبقى وطن يحلمون بالتربع على عرشه اذا ما استمروا في سياسة «علي وعلى اعدائي يا رب».

واصف عواضة
السفير 2 تموز 2011
يشعر الشيعة في لبنان، بنهريهما الكبيرين والجداول، بنوع من المرارة وهم يراجعون السنوات الست الماضية، حيث دارت الدوائر وحطت اخيرا في احضانهم، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، على الرغم من المحاولات العقيمة الجارية لدفع الاتهام عن الطائفة وعن الحزب الذي باتوا يعتبرونه جزءا من روحهم وقطعة من اجسادهم، وحصره في عدد من الاشخاص.
فعلى الرغم من حالة اللامبالاة التي يتعاطى معها الشيعة اللبنانيون ظاهريا مع القرار الظني الصادر عن المدعي العام الدولي دانيال بلمار، فان في نفوسهم اكثر من سؤال حول المستقبل الذي ينتظر شريحتهم الانسانية بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية في لبنان والخارج. هم كانوا يعرفون سلفا ان الاتهام سيوجه الى عناصر من «حزب الله» في هذه القضية، حيث كاد السيد حسن نصر الله في اكثر من مناسبة طوال السنتين الماضيتين، يتلو عليهم نص القرار الظني وربما الحكم النهائي، قائلا لهم: خذوا من ذقني لن يغيروا حرفا من القرار المرسوم سلفا.
ليس سهلا في المنطق السياسي على الاقل، وفي بلد كلبنان تحيطه منطقة ملتهبة بالعصبيات، ان تُتهم عناصر شيعية بقتل الزعيم السنّي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ردحا طويل
 
ربما لا يشعر الشيعة اللبنانيون بالخوف والرعب كما يتراءى للبعض، لأن في حاضرهم وماضيهم وعقيدتهم فائضا من القوة المعنوية والمادية. لكن الاحساس بالظلامة الواقعة عليهم جراء هذا الاتهام، يحيي في نفوسهم تاريخا طويلا من الشعور بالعزلة القاتلة لهم ولوطنهم، وفي مكنونهم ان ذنبهم الوحيد انهم قاتلوا اسرائيل وانتصروا عليها وأخرجوها من ديارهم بعدما دفعوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
ان اكثر ما يقلق الشيعة في لبنان في هذه المرحلة، دفعهم الى فتنة مذهبية سعت قياداتهم طويلا الى درئها عن البلد، خصوصا وهم يستمعون الى الخطب التحريضية عبر الشاشات المحلية والفضائية، وهم يعرفون سلفا ان سقوط الهيكل سوف يكون على رؤوس الجميع، وللاسف ثمة من يسعى في لبنان والخارج الى هذا الهدف الدنيء، لكنهم في الوقت نفسه يعولون على الخطاب العقلاني لرئيس حكومتهم الجديد نجيب ميقاتي وغيره من الشخصيات والشرائح الشعبية السنيّة التي تحرص على استقرار البلد وسلمه الاهلي.
ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر مساء اليوم خطاب السيد حسن نصر الله. والرهان كبير وأكيد على ان «السيد» لن يخرج عن المسلمات والمبادئ الاساسية التي تمنع الفتنة. ويبقى على المراهنين على الفوضى من اجل تحقيق غايات واهداف صغيرة، ان يضعوا في حسبانهم انه قد لا يبقى وطن يحلمون بالتربع على عرشهربما لا يشعر الشيعة اللبنانيون بالخوف والرعب كما يتراءى للبعض، لأن في حاضرهم وماضيهم وعقيدتهم فائضا من القوة المعنوية والمادية. لكن الاحساس بالظلامة الواقعة عليهم جراء هذا الاتهام، يحيي في نفوسهم تاريخا طويلا من الشعور بالعزلة القاتلة لهم ولوطنهم، وفي مكنونهم ان ذنبهم الوحيد انهم قاتلوا اسرائيل وانتصروا عليها وأخرجوها من ديارهم بعدما دفعوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك.
ان اكثر ما يقلق الشيعة في لبنان في هذه المرحلة، دفعهم الى فتنة مذهبية سعت قياداتهم طويلا الى درئها عن البلد، خصوصا وهم يستمعون الى الخطب التحريضية عبر الشاشات المحلية والفضائية، وهم يعرفون سلفا ان سقوط الهيكل سوف يكون على رؤوس الجميع، وللاسف ثمة من يسعى في لبنان والخارج الى هذا الهدف الدنيء، لكنهم في الوقت نفسه يعولون على الخطاب العقلاني لرئيس حكومتهم الجديد نجيب ميقاتي وغيره من الشخصيات والشرائح الشعبية السنيّة التي تحرص على استقرار البلد وسلمه الاهلي.
ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر مساء اليوم خطاب السيد حسن نصر الله. والرهان كبير وأكيد على ان «السيد» لن يخرج عن المسلمات والمبادئ الاساسية التي تمنع الفتنة. ويبقى على المراهنين على الفوضى من اجل تحقيق غايات واهداف صغيرة، ان يضعوا في حسبانهم انه قد لا يبقى وطن يحلمون بالتربع على عرشه اذا ما استمروا في سياسة «علي وعلى اعدائي يا رب». اذا ما استمروا في سياسة «علي وعلى اعدائي يا رب».

تحية الافتتاح