30‏/12‏/2010

2011: سنة الرغيف!

السفير 30 كانون اول 2010
واصف عواضة
تحت جنح التخلي وخلف عباءة السياسة، يتسلل الغلاء الى بيوت الناس وأجورهم المستباحة. يصرخ هؤلاء في أعماقهم من فرط الوجع، بسبب اليأس والاحباط، فلا يسمع صوتهم أحد، لأن ساستهم منشغلون بما هو أشد وأدهى وأهم من لقمة العيش، ولأن اتحاداتهم النقابية غائبة ومغيبة عن السمع.
تُنسب الى الامام علي بن ابي طالب المقولة الشهيرة «لو كان الفقر رجلا لقتلته»، والى الصحابي ابي ذر الغفاري «إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك» ويقول شاعر «ظريف» في الفقر:
يمشي الفقير وكل شيء ضده
والناس تُغلق دونه أبوابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقيرا عابرا
نبحت عليه وكشّرت أنيابها
يُستدل من هذه المقولات والابيات أن الفقر ملازم للقتل والكفر وسطوة الكلاب. وهذه موبقات ثلاث حمانا الله من جحيمها. ونسأل المولى الا نصل الى زمن نتقاتل فيه والكلاب على كسرة الخبز، لشدة المعاناة التي تغزو بلدنا وتتصاعد بين أهلنا وتتسرب ببطء الى واقعنا. ولأن المواطن لم يعد بحاجة الى مزيد من المعرفة في قاموس الغلاء الذي بلغته الاحوال المعيشية في الاشهر الاخيرة من السنة الحالية التي تلفظ انفاسها الأخيرة، فإن السنة المقبلة ستكون «سنة الرغيف» من دون منازع، باعتبار ان ثمة عائلات مستورة كثيرة في البلد باتت تعيش فقط على فتات الخبز.
قبل ايام وعد رئيس الاتحاد العمالي العام الاستاذ غسان غصن بالتحرك الفاعل للاتحاد مع مطلع العام الجديد. لكن العامة من الناس ليست مؤمنة بفعالية الاتحاد العمالي وتحركاته، خصوصا وأن تظاهراته واحتفالاته ومهرجاناته في السنوات الماضية، باتت تحشد من رجال الأمن والاطفاء والدفاع المدني اكثر من عديدها الجماهيري. والحق يقال في هذا الواقع ان العيب ليس في القطاعات النقابية فقط، بل هو في الناس ايضا واحزابها ومثقفيها ومفكريها واعلامييها ومنظريها على السواء. وهذا يعني ان الخلل المعيشي في لبنان ليس محصورا بطرف معين، بل هو مسؤولية مشتركة على عاتق كل افراد «الشـعب اللبناني العنيد».
في اي حال من الطبيعي ان تتحرك النقابات مع العام الجديد. ولكن اذا صح الحديث عن التسوية السياسية مع مطلع العام، فإن الهم المعيشي لن يتصدر بالضرورة الاولويات المطروحة امام السلطات المعنية بمعالجة الشؤون الحياتية، خصوصا اذا صدقت التوقعات بأن التسوية تتضمن تشكيل حكومة جديدة نعرف سلفا أن فترة تأليفها ستكون مفتوحة كسابقاتها. عندها لن يكون العام المقبل «سنة الرغيف» في مضمونه «الثوري»، بل سيكون «سنة البحث عن الرغيف»، للناس والكلاب على السواء.
كل عام وانتم بخير!

24‏/12‏/2010

ساحل العاج نموذج أفريقي للصراع على السلطة الجالية اللبنانية متروكة للقدر.. وتسأل اللطف فيه!

واصف عواضة
السفير-الجمعة 24 كانون الاول 2010

جرت العادة كلما اختلف مواطنان افريقيان في احدى دول القارة السوداء، أن يتضرر مغترب لبناني في هذه الدولة، في حين لا تكون لهذا المغترب ناقة او جمل في هذا الخلاف. وكلما كان الخلاف واسعاً بين الافارقة ازدادت الأضرار في مصالح اللبنانيين وتهددت حياتهم واضطربت احوالهم وهجروا من ديارهم.
مناسبة هذا الكلام ما تشهده دولة ساحل العاج في غرب افريقيا حيث تقطن جالية لبنانية لعلها الأكبر في هذه القارة. اذ تشير التقديرات الى أنها تبلغ نحو سبعين الفاً. وهي الجالية الأكبر حجماً في ساحل العاج.
تبدو ساحل العاج اليوم على شفير حرب أهلية اثر الانتخابات الرئاسية التي جرت اول الشهر الحالي وأفرزت رئيسين: واحد، اعلنت فوزه اللجنة الانتخابية وآخر ثبته المجلس الدستوري ورفض الاعتراف بنتائج الانتخابات. فأقسم كل منهما اليمين القانونية وشكل حكومته الخاصة. وكان من الطبيعي ان تنقسم البلاد بين زعيمين لكل منهما انصاره ومحازبوه وجيشه الخاص.
وفي البلدان الافريقية، غالباً ما ينحو الصراع السياسي الى العنف بكل مظاهره الدموية والتدميرية. حيث يتدخل المجتمع الدولي بقوات عسكرية لوقف الحرب. ولكن بعد خراب البصرة. حصل ذلك سابقاً في دول جارة لساحل العاج كليبيريا وسيراليون وكذلك في تشاد والصومال ورواندا ودول افريقية أخرى.
وقد شهدت البلدان الافريقية خلال العقود الثلاثة الماضية تحولات دراماتيكية بعد فترة من الاستقرار اعقبت تحرر هذه البلدان من الاستعمار ونيلها استقلالها الذاتي. ونجم هذا الاستقرار عن تولي السلطة مجموعة من الحكماء والمحررين كانوا أبطال الاستقلال وتمتعوا بهيبة موصوفة على شعوبهم التي كانت تحترم أشخاصهم وإنجازاتهم. الا ان هذه الفترة أعقبتها حالة من الاضطراب نتيجة غياب هؤلاء، اما بالوفاة او بانقلابات قادها عسكريون من أعلى الرتب وادناها، ولم يكونوا على مستوى الحكم، ما افسح المجال امام السفارات واجهزة المخابرات الدولية للتدخل في شؤون هذه البلدان، وأدى الى توترات عنيفة راح ضحيتها مئات الآلاف من الأفارقة في مجازر ومذابح مشهودة.
ففي ليبيريا، مثلاً أطاح انقلاب عسكري بالرئيس «وليم تولبرت» قاده رقيب في الجيش هو «صمويل دو» الذي انتهى عهده ايضاً بثورة دامية اكلت الاخضر واليابس في ذلك البلد الذي ما زال يعاني للنهوض من كبوته.
وشهدت سيراليون حالة مماثلة بوفاة الرئيس الاستقلالي «شياكا ستيفنس» وتولي السلطة قائد الجيش «جوزف سعيدو مومو» الذي اطاحه انقلاب عسكري بزعامة ملازم في الجيش واعقبت ذلك اضطرابات دامية.
وفي غينيا، خلف الرئيس «احمد سيكوتوري» ضابط هو «لانسانا كونتي» اطاحه انقلاب قاده نقيب هو «موسى كمارا» ولم تسلم البلاد من التوترات الدامية.
وفي غانا، اطاح انقلاب بالرئيس «كوامي نيكروما» على يد النقيب «جيري رولينغز»، وحصل الأمر نفسه في الزائير حيث قتل «باتريس لومومبا» على يد «مويز تشومبي». وشهدت نيجيريا بدورها سلسلة من الانقلابات العسكرية بعد عهد الرئيس «سيكوتو». اما ساحل العاج وهي من أبرز وأهم الدول الافريقية، فقد عاشت فترة من الاستقرار في عهد الرئيس الاستقلالي «هوفوية بوانييه» الذي توفي عام 1990. وشهدت البلاد بعده انقلابين عسكريين واضطرابات دموية حتى الانتخابات الاخيرة التي وضعت البلاد على شفير الحرب الأهلية.
كان من الطبيعي ان تتأثر الجاليات اللبنانية بهذه الاجواء المضطربة، وهي تنتشر منذ قرن ونيف في معظم الدول الأفريقية. ان لم يكن جميعها على الإطلاق. ويزيد عدد اللبنانيين في القارة السوداء على نصف مليون مغترب بينهم عشرات الآلاف ممن حصلوا على جنسيات هذه الدول واصبحوا مواطنين أفارقة.
وليس سراً ان بعض فعاليات الجاليات اللبنانية لهم علاقات سياسية متينة بقادة هذه الدول وحكامها، وبعضهم منتسب لأحزاب هذه الدول ويشارك في الانتخابات والنشاطات الافريقية نتيجة انتمائه بالتجنس الى هذه البلدان. لكن الغالبية العظمى من هؤلاء يؤثرون الانحياز الى اعمالهم ومصالحهم الناشطة او الى مصادر رزقهم الشحيحة احياناً.
ولا يكفي القول ان اللبنانيين في افريقيا لا علاقة لهم بالتوترات والاحداث التي تجري في تلك البلدان. اذ يكفي ان تكون مصالحهم ومنازلهم وطريقة عيشهم في الواجهة لينالوا نصيبهم الوافر من الأضرار والخراب والأثمان الباهظة ويبدأوا من جديد واحياناً من الصفر لإعادة ترميم هذه المصالح. وما حصل في ليبيريا وسيراليون وساحل العاج والزائير ونيجيريا وغيرها مثال حي على هذا الواقع المرير.
ازاء الواقع الصعب الذي تعيشه ساحل العاج في هذه الفترة يجد اللبنانيون انفسهم مرة جديدة امام واقع لا يحسدون عليه. فالقلق الذي يسبق العاصفة في ذلك البلد. يعيشه اللبنانيون بأقسى صوره، حيث حياتهم ومصالحهم مهددة. وهاجس التهجير الذي شهدوه سابقاً في بلدان مجاورة يقض مضاجعهم. خصوصاً أن مصالحهم في ساحل العاج وعاصمتها الشهيرة ابيدجان التي يطلق عليها اسم «باريس الصغيرة»، تبلغ أحجامها أرقاماً مالية خيالية بحسب مطلعين على أحوالهم. وليس غرواً ان الجالية اللبنانية الموجودة في ساحل العاج منذ نحو قرن من الزمان اسهمت اسهاماً فاعلاً في نهضة هذا البلد وتطوره الاقتصادي والعمراني والحياتي الى جانب الجالية الفرنسية التي كانت أكبر الجاليات وضمر حجمها الى أقل من الفين بفعل التوترات التي حصلت في العقدين المنصرمين. وتشهد العاصمة السياسية «ياموسكرو» التي شيّدها الرئيس «بوانييه» في الثمانينيات على دور بعض اللبنانيين في هذه النهضة وبينهم رئيس الجالية التاريخي ورئيس المجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية نجيب زهر وآخرون لهم اوزانهم المعروفة.
على أن ما يضاعف من حالة القلق لدى الجالية في ساحل العاج انها متروكة لمواجهة القدر الذي ينتظرها، في غياب الرعاية الرسمية الوطنية الفاعلة لهذه الجالية من الدولة اللبنانية التي عجزت في السابق عن احتضان وإنقاذ جاليات أخرى تعرضت في افريقيا للمصير نفسه، فكان ان تولت جاليات لبنانية في بلدان مجاورة احتضان المهجرين واللاجئين. وعلى قاعدة «شر البلية ما يضحك» يعتقد البعض ان من الترف مطالبة الدولة اللبنانية في هذه المرحلة بخطة إنقاذية فاعلة لمغتربيها... وهي عاجزة في الوقت نفسه عن لملمة هموم اللبنانيين المقيمين في لبنان.
عندما تسأل ابناء الجالية في ساحل العاج عن المستقبل يردون بأسى شديد: اللهم انّا لا نسألك رد القدر ولكن نسألك اللطف فيه!

20‏/12‏/2010

«أفضل الأعداء» لبسام أبو شريف: وشهد شاهد من أهله

- واصف عواضة
السفير في 21 كانون الاول 2010
جاء بسام أبو شريف الى بيروت الاسبوع الماضي بعد طول غياب ليوقع كتابا عمره خمسة عشر عاما, كان قد وضعه مع شريك اسرائيلي هو الصحافي المعروف عوزي محنايمي، منذ العام 1995، وتُرجم كتاب «أفضل الاعداء « بنحو عشر لغات، ولا نعرف لماذا تأخرت ترجمته العربية عقدا ونصف عقد، مع أنه كتاب قيّم ويستحق القراءة المتأنية, الآن بالذات. والحق يقال انني عندما أنهيت قراءة هذا الكتاب قبل ايام, حمدت الله لأن النسخة العربية لم تصبح في متناول القراء العرب إلا الآن.
يروي بسام ابو شريف وعوزي محنايمي في «أفضل الاعداء» تجربتهما مع فلسطين، ورؤيتهما المستقبلية لما بعد العام 1995, حيث كانت «جذوة السلام» مشتعلة وواعدة، ولعل أهم ما في الكتاب الواقع في 380 صفحة من القطع الكبير، والصادر عن «دار الساقي», تلك الصفحات الثلاث الأخيرة التي يلخص فيها الكاتبان رؤيتهما للمستقبل. بدا الأول حالما الى حد الوهم, وظهر الثاني واقعيا بلا حدود, وهو ما تؤكده السنوات الخمس عشرة اللاحقة لصدور هذا الكتاب، ما دفع بسام ابو شريف الى تغيير رأيه وموقفه من عملية السلام برمتها.
ولد بسام وعوزي على طرفي نقيض. ينحدر الاول من عائلة فلسطينية ميسورة سكنت القدس لأكثر من خمسة قرون، ويقول ان جذور اسرته تعود الى الفاطميين، وهو ولد في العام 1946 في قرية «الطيبة» القريبة من القدس وانتقل مع عائلته قبيل النكبة الى مدينة اربد في الاردن حيث عمل والده في القطاع المصرفي. تخرج بسام كأبيه من الجامعة الاميركية في بيروت, وانتسب الى حركة القوميين العرب ثم الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش, وصار أحد قيادييها البارزين، حيث تولى الاعلام والعلاقات العامة, وشارك وديع حداد في الاشراف على خطف الطائرات، ما أكسبه صفة «الارهابي», ودفع «الموساد» الاسرائيلي الى ارسال طرد بريدي ملغوم اليه في 25 تموز عام 1972, انفجر في وجهه وشوّه محياه وأفقده عيناً وبعض اصابع اليد، لكنه نجا بأعجوبة. بعدها تبدلت افكار الرجل وصار يميل الى السلم. وكان من اوائل الذين نظّروا لما كان يعتبر من المحرمات في ذلك الزمان, وهو تقاسم فلسطين دولتين، وبات «الارهابي المتطرف» خائنا في نظر معظم الفلسطينيين وقادتهم، ما ادى الى فصله من الجبهة الشعبية وطرده من دمشق بعد العام 1982، فالتحق بياسر عرفات في تونس وأصبح مستشارا له. ولا يُخفي بسام، بل يتباهى بأنه اول من اقنع عرفات بضرورة التفاوض مع الاسرائيليين, ورتب محادثات «اوسلو» السرية، ولم يشارك فيها، ونظم علاقات منظمة التحرير مع الولايات المتحدة والغرب.
اما عوزي محنايمي فقد جاء جده «شلومو» مهاجرا من لتوانيا الى فلسطين، وعانى الكثير في تثبيت اقدامه في «أرض الميعاد». خدم والده في الجيش جنرالا في المخابرات, وكان من الطبيعي ان تستهويه العسكرية فانخرط عوزي بدوره كضابط في الجهاز, وشارك في حرب «يوم الغفران» (حرب تشرين 1973) في الجولان، وفي حرب لبنان عام 1982، وأخذت قناعاته تتبدل لما شاهده داخل فلسطين وخارجها من معاناة للشعب الفلسطيني، فترك الجيش وانخرط في عالم الاعلام، وتقاطعت في هذه المرحلة افكاره مع مواقف بسام ابو شريف فتعارفا وتصادقا، وكان اول صحافي اسرائيلي يجري مقابلة مع ياسر عرفات بواسطة العقيد جبريل الرجوب.
في حزيران عام 1995 كتب بيتر ديفيد في «الايكونوميست» عن «أفضل الاعداء» يقول: «في النصف الاول من التسعينيات تغيرت العلاقات بين العرب والاسرائيليين على نحو فاق حد التصديق. فقد تصافح رئيس وزراء اسرائيل اسحق رابين وياسر عرفات في باحة البيت الابيض الاميركي. ومع ذلك فإن القصة الواردة في هذا الكتاب ليست تسجيلا لنظريات في الدبلوماسية او لمآثر رجال سياسة، بل هي قصة يرويها عوزي وبسام بأمانة عن الحرب بين شعبيهما، وكيف تغلب متحاربان على احقادهما الشخصية والتأما في الكفاح من أجل السلام، هذا الكفاح الذي لا يزال مستمرا».
صحيح ان عوزي وبسام تغلبا على احقادهما والتأما في الكفاح من اجل السلام كما يقول بيتر ديفيد، لكن رؤيتهما اختلفت بالنسبة للمستقبل بين حالم وواقعي، وقد لخصا هذه الرؤية في ختام كتابهما المشترك.
كتب عوزي محنايمي يقول: جاء جدي الى فلسطين يحمل حلما، وقد تحقق الى حد بعيد. قاتل الصهاينة من اجل دولتهم وظفروا بها, لكن شالوم لم يأت الى فلسطين وفي باله شن حرب. كان يريد بناء بلد عادي يستطيع العيش فيه كإنسان عادي ويبني دولة بين الدول الأخرى كما عبر عنها ديفيد بن غوريون. لكننا بدلا من ذلك شيدنا لانفسنا «غيتو» جديدا. اننا نعيش وسط مئة مليون عربي ولم نقم اي صلة معهم الا عن طريق الرصاص والقنابل.
ويضيف عوزي: اضطر جدي ووالدي وأنا الى القتال. وكل ما نعرفه هو كيفية كسب الحرب. ولربما سيكون السلام اصعب بكثير من الحرب على الجيل الجديد من الاسرائيليين... فالسلام يعطي الاسرائيليين خيارا واحدا ليس الا، وهو ضرورة اندماجهم في المنطقة، وقليلون منهم الذين يريدون ذلك، فمعظم الناس في اسرائيل لا يعرفون شيئا عن العرب، واهتمامهم بالعرب قليل، وليس لديهم اصدقاء عرب. وانظارهم متجهة نحو الغرب لا الى الشرق، يتطلعون الى اوروبا والولايات المتحدة ويختلفون عن العرب دينا وثقافة وطبيعة، ويعتقدون أنهم متفوقون على العرب من جميع النواحي.
ويخلص محنايمي الى القول: يعتقد البعض ان الحليب والعسل سيتدفق في النهاية على اسرائيل. اي ان حلم جدي سيتحقق، وإن ارض الميعاد قادمة، وإن المستقبل سيمثل قصة حب وردية بين الاسرائيليين والعرب. اما انا فأعتقد شخصيا ان حظ اسرائيل في العيش فترة طويلة من عمر القرن الواحد والعشرين لن يكون اكثر من خمسين في المئة.
اما بسام ابو شريف فيقول: ان الهدف الرئيس لجميع الفلسطينيين يجب ان يكون الابتداء من حيث انتهى الآخرون, لا ان ينتهوا من حيث بدأ الآخرون. اما بالنسبة لاسرائيل فقد بنت لها جسرا في الشرق الاوسط وليس امامها من خيار الا عبور هذا الجسر. فالسلام سيتأمن. سيكون ذلك صعبا، وقد يكون دمويا في بعض الاحيان، غير ان المنطقة ستعيش بسلام.
ويخلص بسام: اما اولئك المتمسكون بالعنف والتطرف، فستذوي اهميتهم شيئا فشيئا. ان قطار السلام سائر في طريقه، وسكّته ثابتة مدعمة، ودعاة العنف ليس لهم مكان فيه الا في القاطرة الاخيرة. وسيجد هؤلاء انفسهم يتدحرجون بتؤدة نحو الخلف وباتجاه دياجير الظلام.
كان هذا الكلام قبل خمسة عشر عاما.
في 13 كانون الاول 2010، اي الاسبوع الماضي، خرج بسام ابو شريف من قصر عين التينة في بيروت بعد لقاء مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ليقول للصحافيين بالحرف: «تم البحث في قضايا مشتركة لا سيما في الآليات التي يمكن من خلالها إنقاذ مدينة القدس، باعتبار ان قضيتها ليست فلسطينية فحسب، بل هي قضية عربية وإنسانية»، لافتا الى انه «تم التوافق على ضرورة القيام بتحرك عربي تجاه الدول الاوروبية لمطالبتها ايضا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة استنادا الى قرارات الشرعية الدولية». واعتبر ابو شريف ان «المفاوضات المباشرة وغير المباشرة انما هي محاولات اسرائيلية لاضاعة الوقت».
جميل جدا ان يجري بسام ابو شريف هذه المراجعة بعد خمسة عشر عاما. فهو شاهد من أهل المفاوضات والنظريات التي يتأكد عقمها يوما بعد يوم وسنة بعد سنة. لكن الأجمل من ذلك ان يقرأ كل الفلسطينيين وكل العرب تجربة هذا الرجل وهو يطل على عامه الخامس والستين. صحيح ان بعض العرب كانوا وما زالوا لا يقرأون، او يقرأون ولا يفهمون. لكن بعضهم ايضا بات يقرأ ويفهم جيدا كما يقول الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

17‏/12‏/2010

حكومة «الكوما» للناس: فشلنا.. والسلام عليكم!

واصف عواضة
 السفير" -السبت 18 كانون اول 2010

   لم يبق من الحكومة الحريرية شيء يستوجب استمرارها في ادارة السلطة التنفيذية في لبنان. لقد ماتت هذه الحكومة سريريا في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة مساء الاربعاء الماضي، او هي على الأقل دخلت في «الكوما». ويعلم الله وحده ما اذا كانت ستفيق من الغيبوبة، ام ستدخل في ذمة الباري عز وجل فجأة، والبقاء لله وحده.
ان التأمل في الغد يفضي الى حقائق منطقية لا تحتمل الجدل ولا بد من الاعتراف بها، ما يستدعي قرارات أخلاقية في مستوى الواقع الذي تتداعى حيثياته شيئا فشيئا باتجاه سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.
من هذه الحقائق ان هذه الحكومة تسربلت بلباس المحكمة الدولية، وهي تتعثر يوما بعد يوم بسروال شهود الزور الذي يبدو فضفاضا عليها، فيما وصلت التسويات كما يبدو في هذا المضمار الى طريق مسدود. وأغلب الظن ان الامور سوف تتعقد أكثر فأكثر بعد صدور القرار الاتهامي الموعود، ما يحول دون مجرد التفكير حتى في إمكان جمع هذه الحكومة الى طاولة واحدة.
ومن هذه الحقائق ان طرفي الحكومة يبدوان كمن أحرق مراكب العودة. فرئيسها سعد الحريري ليس في وارد التراجع أو التنازل، إما عن قرار ذاتي، أو عن عدم قدرة على ذلك تبعا للظروف والاجواء المحيطة به من كل جانب. وهو أسرّ قبل فترة لمقربين منه بأن حجم الضغوط المتناقضة التي يتعرض لها إقليميا ودوليا، قد أوهن جسده، وتعجز الجبال عن تحمله. أما «المعارضة الحكومية» فقد استنفدت كما يبدو كل الرصيد الذي تختزنه في مجال التنازل، وهي وصلت الى الخطوط الحمر التي لا تستطيع بعدها التلاعب بمصيرها ومصير المقاومة.
ومن هذه الحقائق ان هموم الناس تتعاظم شيئا فشيئا في ظل الغلاء المتصاعد وانهيار مداخيلهم، وفي غياب المعالجات الضرورية للازمات المستفحلة، ما يدفع الى التكهن بتوترات معيشية واجتماعية وإدارية وأمنية وانفلات الحبال على غاربها وعلى أكثر من مستوى.
ويبدو انه كلما طال أجل إصدار القرار الاتهامي كلما طالت فترة «الكوما الحكومية»، وهذا يعني المزيد من الجمود والشلل في بلد باتت كل الطبقات تضج من واقعه المتداعي. وعليه لا بد من خطوة جريئة تهز الضمائر وتحرك الجمود القاتل.
ان حكومة تعيش على «التنفس الاصطناعي»، فيما شعبها «مقطوع النفس»، يفترض برئيسها ووزرائها إخلاء الساحة لحكومة جديدة، أيا كان شكلها، تتولى على الأقل ادارة شؤون الناس وهمومهم المعلقة على صليب الازمات التي تفرخ أزمات متلاحقة يوما بعد يوم. فالفشل تعبير ملطف لحال هذه الحكومة التي مضى على تشكيلها أربعمئة وستة أيام بالتمام والكمال، لم تتمكن خلالها من معالجة قضية واحدة من القضايا التي تنوء بحملها البلاد والعباد. وبعيدا عن الاسباب التي دفعت الى هذا الواقع. وبعيدا عن الرأي القائل بفشل تجارب حكومات الوحدة الوطنية. وبغنى عن تقاذف المسؤوليات بين جناحيها، ليس عيبا ان تطل هذه الحكومة على الناس وتقول لهم: اعذرونا.. لقد فشلنا، والسلام عليكم!

13‏/12‏/2010

الطبيعة بحلوها ومرّها تحكم سيطرتها على 10452 كلم2



سعدى علوه
يبدو أن الطبيعة تشبهت بالسياسة في لبنان، وأرسلت عواصف متطرفة، لا تعرف الرمادي من الحلول والمواقف، على متن رياحٍ وصلت سرعتها إلى 125 كيلومتراً في الساعة، للمرة الأولى في تاريخ العواصف الشتائية اللبنانية.
فبعد صيف حار اجتاح خريف العام الجاري، وقضم جزءاً من شتائه، ضربت لبنان عاصفة أوروبية لم توفر جباله ومرتفعاته، ولا ساحله وداخله البقاعي، متسببة بمقتل المواطنة رولا يمق (40 عاماً، وأم لأربعة أطفال)، ووقوع العديد من الجرحى.
ووازنت الطبيعة في توزيع الخيرات على المخزون المائي في المناطق، كما على مجاري الأنهار، ووحّدت البلاد والعباد بأضرار متنوعة، لن تتمكن الجهات المعنية من إحصائها قبل أن تضع العاصفة أوزارها بشكل شبه نهائي، صباح الأربعاء المقبل، بحسب ما تتوقع مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي.
لكن الطبيعة نفسها لم تتمكن من دفع الحكومة إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء «المتخاصم» للتباحث في أرواح الناس وأرزاقهم، وفي التعويضات وتحديد المسؤوليات، تمهيداً لمعالجة الذيول السلبية الناتجة عن العاصفة، والتي طالت الجميع، وعلى رأسهم المزارعين والصيادين.
فأكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لـ«السفير» أن «العاصفة لم تؤثر على حركة الملاحة في مطار بيروت باستثناء تسبب الرياح الشديدة بتحطم أربع طائرات صغيرة مخصصة للتدريب»، وتعود للنادي اللبناني للطيران.
وأوضح رئيس مطار بيروت دانيال الهيبي في بيان، أن الأضرار تمثلت في «تحطم طائرتين صغيرتين مخصصتين للتدريب»، بالإضافة إلى «إصابة طائرة ثالثة بأضرار جسيمة، وهي جميعها تابعة للنادي اللبناني للطيران، كانت مركونة في المواقف المخصصة لها على ساحة الطائرات بالقرب من المدخل الغربي للمطار».
وأكمل البيان شارحاً أن «هبوب الرياح أدى إلى اندفاع طائرة رابعة من مكان تثبيتها، واصطدامها بالطائرات الأخرى. وقد نقلت الطائرات من مكان الحادث إلى هنغارات الصيانة لاستكمال التحقيقات».
ولم تقتصر أضرار العاصفة على موانئ الصيادين في بيروت وطرابلس وعكار وجبيل والضبية وساحل الإقليم وصيدا وصور والناقورة، حاصدة حوالى مئة مركب صيد، ومعها بعض أرصفة الكورنيش في المدن الساحلية، بل طالت المرافئ الرسمية، وعلى رأسها مرفأ صيدا الذي نال الحصة الأكبر من العاصفة، مع تضرر أربع سيارات مستوردة وانقلاب تجهيزات المرفأ رأساً على عقب. وسُجّلت أضرار أقل حجماً في مرافئ الميناء في الشمال والناقورة وصور وجبيل، وفق ما أكد الوزير العريضي الذي أعاد ما حصل إلى «سرعة الرياح وارتفاع موج بحر إلى مستويات لم نشهدها من قبل». وأكد العريضي أن فرق الوزارة تفقدت الأضرار، لكن لا يمكن إحصاؤها بشكل رسمي قبل هدوء العاصفة.
واقتلعت الرياح العديد من الأشجار (43 شجرة في بيروت وحدها)، سواء المخصص منها للزينة أو تلك الحرجية والمثمرة.
وضربت العاصفة قطاع الكهرباء المقنن أصلاً، والغارق في مشاكله وعجزه، لتطيح بأعمدة الكهرباء وأسلاكها، قاطعة التيار عن العديد من المناطق، وعن أحياء كثيرة في العاصمة. وواجهت ورش «كهرباء لبنان» مصاعب جمة في إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، بسبب استمرار الرياح العاصفة والأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة على كامل مساحة الوطن.
وعلى الرغم من الاستعدادات التي أكدت البلديات في مختلف المناطق اتخاذها، إلاّ أن قوة العاصفة فاقت التوقعات، مسببة فياضانات شتى، حيث حوصرت مئات السيارات بأصحابها في مستنقعات وبرك مستجدة عملت فرق الدفاع المدني وإطفائية بيروت والقوى الأمنية من جيش ودرك، على إنقاذ المحاصَرين وسحب الآليات وفتح الطرقات. وأغرقت المياه أرزاق الناس، سواء المياه التي طافت من البحر على المناطق الساحلية مغرقة الأحياء القريبة من البحر، أو تلك التي دخلت المنازل الواقعة قرب مجاري الأنهار أو السيول، فيما أطاحت بالعديد من المنازل الترابية في الأرياف.
وفي مقابل العائمين على طوفان الساحل والداخل، عزلت الثلوج القرى النائية في البقاع وجروده، ومعه جرود عكار والضنية وبشري والبترون، وأعالي كسروان، وبالتحديد في مناطق فقرا وفاريا وعيون السيمان وحدث بعلبك وكفرذبيان، والقرى الحدودية مع فلسطين المحتلة.
وعند الخامسة من مساء أمس، أعلنت نقطة ضهر البيدر إقفال الطريق لغاية صباح اليوم، بعدما أكدت الأرصاد الجوية أن ثلوجاً ليلية ستتساقط على ارتفاع 800 متر وما فوق، وبعد تعذر الرؤية، ووصول سماكة الثلوج إلى حوالى خمسين سنتمتراً. كما أقفلت طرقات المناطق الجردية في المحافظات الأخرى، وخصوصاً تلك التي يفوق ارتفاعها 1100 متر عن سطح البحر، حيث تراوحت كثافة الثلوج فيها ما بين 40 و70 سنتمتراً.
واقتلعت الرياح التي وصلت سرعتها إلى 125 كيلومتراً في الساعة، البيوت البلاستيكية وكعوب الزيتون ودوالي العنب، ولم توفر أحراج الصنوبر والبساتين المثمرة.
وكانت للوحات الإعلانية حصة وافرة من التحطم بدءاً من العاصمة وصولاً إلى الجبال، فمني قطاع الإعلانات بخسائر كبيرة بغض النظر عن شرعية العديد من اللوحات الموضوعة من دون ترخيص قانوني ومن دون تنظيم أو رقابة على موافقتها شروط السلامة العامة. كما انهارت أسقف بعض المطاعم على الساحل وفي الداخل، وتسببت العاصفة باندلاع بعض الحرائق في العديد من المحال والمرافق السياحية.
ووسط «الجنون» المناخي، تهافت المواطنون في المناطق لشراء وقود المازوت والحطب، فيما أعلنت بعض محطات الوقود عن نفاد الكميات المتوافرة لديها نظراً للطلب الكبير على المازوت. يذكر أن عائلات كثيرة كانت قد أجّلت التمون بالمازوت والحطب، بسبب الطقس الصيفي الذي بقي مسيطراً إلى ما قبل العاصفة بأيام.
ورغم تسجيل بعض الانهيارات هنا وهناك، أشار الوزير العريضي إلى أن أعمال التنظيف التي سبقت العاصفة ساهمت في التقليل من الفيضانات، لافتاً إلى أن «فرق الصيانة في الوزارة تعاونت مع الدفاع المدني والبلديات، لإزالة اللافتات والأشجار التي اقتلعت نتيجة قوة العاصفة، كما تعمل الفرق ليلا نهارا في الجبال لفتح الطرقات نتيجة تراكم الثلوج».
أما في بيروت فقد حولت امواج البحر التي فاق ارتفاعها ستة امتار الواجهة البحرية للعاصمة إلى ساحة فوضى، بعدما اقتلعت الرياح حوالى 43 شجرة من اماكن مختلفة في المدينة. وأطاحت الأمواج بجزء من كورنيش المنارة مع الدرابزين الألمينيوم الحديث الذي لم تمض على تركيبه فترة طويلة، كما هدمت جزءاً من الحاجز الإسمنتي الذي يفصل البحر عن الطريق العام.
وتمثل الضرر الكبير في بيروت بالخسائر الكبيرة التي مني بها صيادو ميناء الدالية ما بين الروشة والرملة البيضاء. وأفاد رئيس نقابة صيادي رأس بيروت والدالية وفيق جيزي لـ«السفير» عن تضرر حوالى 75 مركب صيد بأحجام مختلفة، و15 غرفة للصيادين مع عتادهم بالإضافة إلى ثلاثة منازل تقطنها عائلات صيادين.
وأبدى جيزي عتبه على عدم تنفيذ الحكومة مشروع بناء السنسول الذي يحمي المرفأ والذي تم تلزيمه قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري في ربيع العام 2005، ليقول ان خسائر العاصفة الحالية تساوي او تفوق كلفة بناء السنسول.
وقال جيزي ان كارثة الأمس هي الخامسة التي تصيب صيادي الدالية منذ العام 1993، ومع ذلك، لم تعمد الدولة إلى حمايتهم، مطالباً بإجراء مسح سريع للأضرار والتعويض سريعاً «لأن لقمة عيش الصياد يومية، ولا تنتظر، خصوصاً أنهم لن يتمكنوا من الخروج إلى البحر».
وفي ميناء الصيادين على المنارة، غرقت أربعة مراكب صغيرة، وفق جيزي، وتضررت زوارق أخرى رغم انتشالها من البحر، بالإضافة إلى أضرار أصابت شباك الصيادين وعتادهم.
وأكد رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني لـ«السفير» أن الهيئة العليا للإغاثة قد كلفت شركة «خطيب وعلمي» بالكشف على الأضرار في ميناء الدالية، مؤكداً أن معظم الواجهة البحرية لبيروت قد أصيب بأضرار متنوعة من الكورنيش إلى الصيادين إلى بعض المقاهي والمرافق السياحية البحرية. وطالب بضرورة التعويض على المتضررين.
وعلى الرغم مما شهدته العاصمة إلا أن رئيس بلديتها بلال حمد رأى أن «الوضع إجمالاً، نظراً لقوة العاصفة، أفضل من التوقعات.. وورش البلدية كانت تستدرك الأمور لدى وقوع أي حوادث في بيروت، ومنها انهيار الكورنيش ووقوع كابلات كهربائية، وكذلك برج إرسال إذاعة الشرق في كركول الدروز».
وأفادت عمليات الدفاع المدني عن إنجاز مئات المهام على مساحة لبنان، بدءاً من فك حصار عائلات كثيرة في منازلها، إلى فتح طرقات ونقل جرحى سير وسحب سيارات عالقة وشفط مياه ووحول من الطرقات، وانتهاء بفتح طرقات جبلية مقفلة بالثلوج.

10‏/12‏/2010

موقع "الأخبار" يتعرض لقرصنة

اعلن رئيس صفحة العدل في صحيفة "الأخبار" عمر نشابة، في حديث لـ"الجزيرة" عن القرصنة التي تعرض لها موقع الصحيفة اليوم، "أننا لن نستبق التحقيق في الموضوع والخطوة الاولى الآن هي اعادة الموقع الى العمل"، مشيرا الى "أننا سنسعى اليوم الى اعادة الموقع للعمل في فترة الظهر او بعد الظهر".

وردا على سؤال عما اذا كان وراء قرصنة موقع "الأخبار" نشرها وثائق "ويكيليكس"، رفض نشابة استباق التحقيق بالموضوع، مشيرا الى ان "الصحيفة نشرت حتى الآن اربع حلقات من وثائق ويكيليكس ويوجد 3 حلقات مقبلة وهناك معلومات حساسة نبحث نشرها من عدمه".

بدوره، رأى ناشر صحيفة "الأخبار" حسن خليل في حديث للـ"LBC" ان مهووسا على الانترنت قد يكون وراء تعرض الصحيفة للقرصنة، ولكنه سأل "هل الفاعل مهووس الكتروني او حرب مخابرات لها علاقة بالويكيليكس، وهذا الامر يبحث فيها المسؤولون القانونيون لدينا".

واكد خليل ان الصحيفة ستستمر بنشر الوثائق.

يذكر أنّ موقع الصحيفة يتعرض منذ الصباح للقرصنة حيث يفتح موقع آخر بعنوان "سعودي انحراف" عندما يحاول المتصفح الدخول إلى موقع "الأخبار". ويعمل القيّمون على الموقع على إعادة الوضع إلى طبيعته في الموقع خلال الساعات القليلة المقبلة.





صراع بين الوزير الياس المر وجريدة "الأخبار"

كتب الزميل ابراهيم الأمين في عدد جريدة "الاخبار" بتاريخ الاربعاء 8 كانون الاول مقالا بعنوان :من يحاسب الياس المر ,تعليقا على ما نشره موقع "ويكليكس" من محضر لقاء بين المر وسفيرة الولايات المتحدة السابقة في لبنان ميشال سيسون0

وجاء في المقال: إذا كانت وثائق ويكيليكس مؤداها فتح باب المساءلة أو المحاسبة ، فلا أحد يتوقع عقابا للدبلوماسيين الأميركيين حول العالم أشد من الملل والكلام الرسمي العام الذي سيسمعونه من الآن فصاعدا. سوف تضطر الولايات المتحدة إلى تنشيط عمل المجموعات الاستخبارية التي يمكن أن تكون لقاءاتها خارج النظام التقليدي ، فلا من يكتب محضرا ولا من يفرض عليه إيداع برقياته في أرشيف يسهل الوصول إليه.

لكن ذلك لا يكفي ، لأن في بعض دول العالم لا بد من مساءلة للسياسيين المحليين والرسميين ، وخصوصا أولئك الذين سبق أن ضبطوا متآمرين شعوبهم على ، غير أنهم ضبطوا الآن مع وثائق رسمية لا يمكن نفيها.

لكن عندنا في لبنان ، الوضع مختلف. تجرأ البعض على شتم «السفيرة البلهاء» ميشيل سيسون واتهامها بالتخيل وخلافه ، لكن أيا من هؤلاء لا يجرؤ على انتقاد سلفها السفير جيفري فيلتمان. ماذا لو كانت محفظة الرفيق جوليان أسانج تحوي رسائل فيلتمان وتقرر نشرها في وقت ما؟

مروان حمادة ، الذي أدار معركة بوجه شبكة المقاومة اتصالات ، تبين أنه لجأ الى حماية نفسه يومها من ، أو ربما سعى هو بعد أحداث 7 أيار إلى محو آثار الجريمة. أليس غريبا اختفاء كل الوثائق التي استند إليها مجلس الوزراء في قراره الشهير في 5 أيار عام 2008 ، وأن لا أثر لها في وزارة الاتصالات وملحقاتها؟

أما الياس المر ، فهو في حالة بائسة كثيرة لأسباب. لم يتح له الفوز مرة إلا بثقة المرشحين لرئاسة الجمهورية. وأساس الثقة هذه ، يعبر عنها هؤلاء بأن المر يمكن أن يؤدي دورا مساعدا مع الأميركيين نتيجة علاقته القوية بهم. وحتى لا يبقى الأمر مجرد تكهنات ، تكشف وثائق «ويكيليكس» طبيعة هذه العلاقة القوية بين المر وبين الأميركي الجانب ، وهي علاقة تجاوزت تفاهم الطباع أو تقبل الآخر ، لتلامس حدود التفاعل إزاء ما يمكن وصفه بقضايا مشتركة. وهذا هو بيت القصيد.

في هذه الحالة من يحاسب من؟

إذا كانت طبيعة المؤسسات الدستورية في لبنان تخضع لتوازنات من النوع الذي لا يؤمل منها محاسبة جدية ، فإن المشكلة هي في سلطة نفسها القضاء ، كما ظهر من الشعارات التي رفعت في حفل افتتاح السنة القضائية. صارت تلجأ إلى حملة تسويق لصورتها على طريقة حليب الأطفال ، فيما هي لا تقوى على المبادرة إلى ملاحقة سارق أو قاتل أو متآمر... أللهم إلا إذا قررت الانتفاضة ولاحقت من ينتقدها من الصحافيين. ألم يرفع القاضي أنطوان خير على «الأخبار» دعوى لأنها نشرت خبرا يرجح بقوة أنه لم يكن صحيحا؟ فماذا يقول عن الوثيقة الأميركية التي تشير إلى حضوره اجتماعا سياسيا دبلوماسيا في منزل وليد جنبلاط ، بحث خلاله في آليات التدخل السياسي في عمل التحقيق الدولي؟ هل من توضيح مقنع يصدر عن هذا القاضي الرفيع؟

وليد جنبلاط ، سبق أن أوضح للرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصر الله خلفية ما أطلقه من مواقف في «حقبة الغشاوة» ، وهو لا يرى ما يوجب عليه نفي مضمون الوثائق الأميركية أو التشكيك لأنه فيها ، بساطة بكل ، يعرف أن مساءلته ستظل محصورة في المقابل الطرف له. لن يخرج أحد من أنصاره ليرفع السبابة بوجهه واتهامه بأنه خانهم أو ضللهم. وبالتالي ، فإن شخصا مثل جنبلاط وليد ، لن يكون قادرا على محاسبة أحد من حوله.

ميشال سليمان يمارس هويته المفضلة في الصمت عن هذه الأمور. هو حتى اللحظة لم يقل كلمة واحدة إزاء ما نقل عن ممثله في الدفاع الوطني الياس المر ، وهو الذي كان حتى الأمس يتحدث بثقة كبيرة عن النشيط الوزير ، تماما كما هو موقف قيادة الجيش. وقد يكون التفسير الأقرب الى العقل لصمت رئيس الجمهورية ، هو أن بمقدور المبادرة المر ، من دون انتظار وثائق ويكيليكس بشأن سليمان انتخاب ، إلى كشف المستور عنه في المراسلات الأميركية سليمان حول ، قائدا للجيش أو رئيسا للبلاد؟

لكن ، من ثانية جهة ، يجب طرح الأسئلة التي لا مفر منها : أولوية المعارضة ، ولا سيما حزب الله ، هي المحكمة. وكل ما ورد في «ويكيليكس لبنان» يتصل بالمحكمة والتآمر على المقاومة. حتى إن الياس المر ألمح أمام دبلوماسيين أميركيين (حسب إحدى الوثائق) بأن الشهيد عماد مغنية يقف خلف الاغتيالات في لبنان... وبالتالي ما هو موقف حزب الله؟

ِ

رد المر

وقد رد الوزير المر في 9 كانون اول على "الاخبار" في بيان اعلن فيه عن مقاطعته جلسات مجلس الوزراء وجاء فيه: "فعلاً من يحاسب من؟ من يحاسب الياس المر او من يحاسب قتلة الياس المر؟، ومن يحاسب الشهداء والابرياء الذين سقطوا بالاغتيال ومحاولات الاغتيال او من يحاسب قتلة الشهداء والناجين من الاغتيال؟".

وأضاف: "من يحاسب شهود الزور الفعليين الذين يهددون ويحرضون ويبيحون دماء اللبنانيين؟، ومن يحاسب الذي يحول المقتول الى قاتل؟ ومن يحاسب المحرضين على التصفية السياسية بعد محاولات التصفية الجسدية؟".

وتساءل المر في بيانه: "من يحاسب الذين يحاولون التدمير السياسي والمنهجي لمقومت البلد ومؤسساته الشرعية، ان كانت قضائية او سياسية او عسكرية او امنية؟، ومن يحاسب المحرضين على الفتنة بين اللبنانيين عشية القرار الظني وبوادر التسوية السورية-السعودية؟، ومن يحاسب الذين يتهمون الاخرين بالعمالة وهدر دمائهم لمجرد الاختلاف معهم بالرأي او بناءً على كلام مفبرك ومغلوط فيما يرفض اللبنانيون اي قرار ظني من المحكمة الدولية غير مبني على ادلة واثباتات دامغة؟".

وأضاف: "من يحاسب اصحاب شعار "من ليس معنا ، فهو متآمر علينا" ويوزعون شهادات الوطنية او يحجبونها؟، ومن يحاسب الذين يستهدفون رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ويأخذون عليه صمته بدل ان يقدروا له حكمته في حماية السلم الاهلي ومقاومة التدمير المنهجي للبنان ومؤسساته الشرعية؟، ومن يحاسب من يستهدف رئيس الحكومة ويحوله من صاحب الحق الى "محقوق"؟".

وإذ وضع المر هذه الاسئلة بين ايدي الشعب اللبناني والقضاء الذي يحكم باسم الشعب، أعلن انطلاقاً من كل ما تقدم، "عدم مشاركته في أي جلسة لمجلس الوزراء اذا لم يدرج كأول بند على جدول الاعمال بند محاسبة المحرضين الفعليين على القتل والكراهية والفتنة في لبنان لينضموا الى بند شهود الزور".





رد الأمين



وقد رد الزميل الامين الجمعة بتاريخ 10 ك 1 2010 على المر في مقال كتبه في "الاخبار" وجاء فيه:





في مثل هذه الأوضاع، كيف نتصرف؟ كيف كان جوزف سماحة ليتصرّف؟

تمرين نضطرّ إليه بين وقت وآخر، ليس فقط لمحاولة استخدام آلات القياس التي كان يعتمدها في مقاربة استحقاقات كالتي تواجه «الأخبار » اليوم. بل للإمساك بالعصا من المكان المناسب.

ليس الوسط بالضرورة هو المكان الأمثل، بل ربما على العكس،

وفي مرات كثيرة، يكون الواجب أن تمسك بها من طرف يتيح استخدام الطرف الآخر بوجه من يستحقّ رفع العصا بوجهه،أو حتى استخدامها ضده.

أتذكّر الآن، يوم شن وزير العدل الأسبق شارل رزق حملة عنيفة على «الأخبار »، اتهمها بأشياء وأشياء، وحاول مجاراة قضاة وسياسيين، وربما أوضحت وثائق ويكيليكس المنشورة أخيراً طبيعة العلاقات التي جمعت بين هؤلاء. كتب جوزف سماحة

يومها، داعياً شارل رزق الى تحسّس جبينه. كان يقول له: إن ما

اتهمت به «الأخبار » من أن ما فعلته وصمة عار هو أمر يناسبك

أنت.

الآن، نحن أمام إلياس المرّ من جديد. يقول وزير العهدين، إن

«الاخبار » نشرت وثائق دبلوماسية أميركية تشمل أحاديثه

مع الدبلوماسيين الأميركيين في بيروت، لكنها ما كانت لتقدم

على ذلك لولا اشارة من حزب الله . هو هنا يعيد الكرة من

جديد. تماماً كما فعل يوم نشرت «الأخبار » تقريراً عن العميل

الفارّ غسان الجدقال المر إن هذه المعلومة ما كانت لترد في

« الاخبار لولا حزب الله0ثم يقول امس ان المسؤول الاول في الاخبار ماكان ليكتب عني بهذه الطريقة لولاموافقة حزب اللهعلى ذلك0 وبعد أن يورد هذه الاحتجاجات،

تراه يتجه باللوم الى حزب الله، سائلاً: ماذا فعلت معكم؟ ألم

أرتب لكم مخرجاًلحادثة المروحية في سجد؟الم اغط على

عمليات نقل السلاح من البقاع الى بيروت والجنوب؟ ألم أمنع

تصوير شاحنة محملة بالأسلحة سبق أن انحرفت وسقطت

على جانب الطريق؟ أل_م اوفر لكم ما طلبتم من رخص السلاح

من دون سؤال عن هذا أو ذاك؟ ألم أتعاون معكم في ملف تعيين

بعض الضباط الكبار في الجيش لطمأنتكم؟

وحده الله يعلم ما بين حزبه وبين المر0لكن الاخير اراد اختراع "ويكليكس" خاص به وعلى طريقته . قرر هو تسريب تفاهماته مع حزب الله لتحقيق توازن بينها وبين وثائق الخارجية الاميركية المنشورة على موقع «ويكيليكس »عن تفاهمات مع عدو حزب الله الاول ,اي الادارة الاميركية0



ربما كان على وزير الدفاع أن ينتبه الى أن الأمور لا تسير دائماً على الطريقة اللبنانية نفسها. قدم للرأي العام بياناً اتهم فيه السفيرة الأميركية السابقة ميشيل سيسون بأنها قدمت صورة مجتزأة وغير دقيقة. ثم بعد أيام،وزع بيانا قال فيه ان الزميل غسان شربل رئيس تحرير "الحياة، لم يزره منذ 4 سنوات، وذلك في معرض نفيه لما ورد

في برقية أخرى نسب فيها المر الى شربل كلاماً سمعه الأخير

من الرئيس السوري بشار الأسد.

يومها لم تتدخل «الأخبار » في التعليق على هذه الرسائل. ولم

تشر الى التواصل بين المر والدبلوماسي الأميركي «الصديق »

جيفري فيلتمان، وحفلات العتاب التي أنهكت السفير الأميركي

السابق بسبب أخطاء تلميذته البلهاء.

كما لم تشر «الأخبار » الى أن المر طلب من ضابط كبير أن يدعو

شربل الى لقاء عقد في منزل المر وقيل خلاله الكثير. لكن شربل

لم يكن ليتوقع أن يكون في الغرفة من يسجّل كلاماً يعيد تلاوته

أمام دبلوماسي تب أنه هو الآخر يحمل آلة التسجيل الخاصة

به.

ثم إن «الأخبار » لم تشر في سياق هذا السجال الى ما حاول المر انتزاعه من مواقف خارجية ، متناسياًانه ، منذ اليوم الأول لانطلاقة أكبر عملية فضح للإرهاب الأميركي من

خلال نشروثائق اميركية لم يحصل أن صدر بيان واحد او موقف واحد رسمي او غير رسمي عن العاصمة الاميركية ينفي صحة ما ينشر.ومع ذلك لم يتعظ المر بل بادر الى التصرف بتوتر وهاجم "الاخبار" واتهمها بأنها من المحرّضين على القتل والاغتيال

السياسي،وهو الذي لا يجرؤ ، لسبب لا نجهله، على توجيه

إصبع الاتهام الى أصدقائه الأميركيين لكونهم في أول القصة

وآخرها، من كتب الوثائقومن سرب المحادثات ، وإن نشرها

في «الأخبار أو في صحف عالمية أو في موقع «ويكيليكس »

ليس سوى محاولة لنزع الأقنعة عن الوجه الأميركي أولاً، وعن

وجوه من أرادوا تمضية حياتهم يرتدون الأقنعة والقفازات.

وها هو المر يعيد الكرة الآن. ولأننا في «الأخبار » لسنا في وارد

التنازل عن حقنا في النشر، وقول ما يجب قوله ضمن الحدود

التي يلزمنا بها القانون، أو تلك الحدود التي يجب أن تتوسع

على أيدي حفنة من الثوار، الذين يرافقون جوليان أسانج في رحلة مقاومة الرعب الاميركي ولأننا في الاخبار لن نقف خائفين أمام محاولات تدمير أدوات النشر الخاصة بنا،

سواء تلك التي يحلم رئيس الحكومة سعد الحريري بتدميرها

)االجريدة( أو تلك التي عمل قراصنة باتوا معروفين بالاسم

والعناوين على تدميرها )الموقع الإلكتروني(.

ونحن إزاء كل رسائل الترهيب المغلّفة بالابتسامات الصفراء،

لا نملك أن نتراجع عن مخاطبة المرّ ومن معه، ومن خلفه، ومن

أمامه قائلين: كد كيدك، واسعَ سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا

تمحو ذكرنا، فما أيامك إلا عدد، وما جمعك إلا بدد!





08‏/12‏/2010

ويكيليكس: الفيصل اقترح على واشنطن انشاء قوة لمحاربة حزب الله بعد ايار 2008 واشار الى ان السنيورة يدعم بقوة ذلك

08 كانون الأول 2010
بث موقع "ويكيليكس" وثيقة دبلوماسية اميركية جاء فيها ان السعودية اقترحت تشكيل قوة تكون مهمتها محاربة مقاتلي "حزب الله" في لبنان بمساعدة الولايات المتحدة والامم المتحدة والحلف الاطلسي.
واوضحت الوثيقة انه خلال اجتماع في ايار 2008 مع السفير الاميركي في العراق ديفيد ساترفيلد، اعتبر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ان "ردا امنيا على التحدي العسكري" في بيروت الذي يمثله المقاتلون المدعومون من ايران امر ضروري. واعرب الامير السعودي عن خشيته من ان يؤدي انتصار "حزب الله" على الحكومة اللبنانية التي كان يترأسها في ذلك الوقت فؤاد السنيورة، الى وضع ايران يدها على البلاد.
واوضحت الوثيقة التي نشرها موقع "ويكيليكس" والتي ارسلتها السفارة الاميركية في الرياض ان الفيصل اوضح ان "قوة عربية" بامكانها ان تفرض الامن حول بيروت كون الجيش اللبناني "ضعيف جدا ولا يمكنه تحمل المزيد من الضغوط".
واشارت الوثيقة الى ان القوة المشار اليها يجب ان تكون مدعومة من قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان "اليونيفل" وعلى ان تقدم الولايات المتحدة والحلف الاطلسي دعما لوجستيا وكذلك دعما بحريا وجويا لها.
واضافت الوثيقة انه خلال الاجتماع الذي بحثت فيه هذه الخطة، قال سعود الفيصل انه "على جميع الجبهات الاقليمية التي تتقدم فيها ايران، فان معركة لبنان لضمان السلام هي الاكثر سهولة للانتصار فيها". وقال لساترفيلد ان فؤاد السنيورة يدعم بقوة المشروع وان الاردن ومصر والجامعة العربية فقط هم على علم به.

04‏/12‏/2010

حزام التعفف

واصف عواضة
شهد العام الحالي، الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، ثلاث ظواهر بالغة الأهمية تتقاطع عند فضيلة الصمت ورذيلة الكلام المباح، ويصح فيها القول: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب». فحتى الأمس القريب كان اللبنانيون يتعاطون مع التطورات التقنية والتكنولوجية الحديثة التي تنتهك الاسرار والمعلومات والمجالس المغلقة، بنوع من التعالي وبشيء من الجهل. ويستدعي ذلك ان يتوقف الجميع امام هذا الواقع بعناية لأخذ الدروس والعبر والتأني في إطلاق الكلام على عواهنه حتى لا يقعوا في المحظور.
اولى هذه الظواهر كانت في الفضيحة الكبرى التي نجمت عن اكتشاف العشرات من الشبكات والخلايا الاسرائيلية في الجسم اللبناني الواهن، وهو ما فتح الابواب على مصراعيها امام «الموساد» لاختراق البلد ومؤسساته وقطاعاته المختلفة، التي باتت مكشوفة على كل من يريد ان يبيع ويشتري.
ثانية هذه الظواهر كانت في اختراق قطاع الاتصالات بالشكل الذي تحدث عنه الرسميون والسياسيون والخبراء، بحيث بات الهاتف الخلوي والمنزلي من ألد اعداء حامليه ومستخدميه، وصار التعامل معه بحذر لازمة لا تقبل الجدل.
وثالثة هذه الظواهر كانت في الوثائق التي يواصل نشرها موقع «ويكيليكس» الذي يكشف المستور ويربك الساسة ويحرج حياتهم ويكسر مصداقيتهم ويدفعهم الى التأني في تسجيل مواقفهم غير المعلنة على الملأ. وما كشفه هذا الموقع خلال الاسبوع المنصرم، وما هو على الطريق، خصوصاً في ما يتعلق ببعض السياسيين اللبنانيين، يشكل عاملاً إضافياً في تصعيد أزمة العلاقات بين القوى اللبنانية، وينمّي بالتالي حاجز الثقة الموجود اصلا بين هذه القوى.
والواقع ان هذه الظواهر تطرح المزيد من الشك والكثير من الأسئلة حول تعاطي الادارتين الاميركية والاسرائيلية مع الحلفاء والعملاء على السواء. صحيح ان التقنيات الحديثة لها دورها الفاعل في كشف المعلومات والاسرار والشبكات على اختلافها، لكن الناس بحاجة الى كثير من التعامي والتغابي وربما الإيمان، للاقتناع بأن كشف المستور لم يأت عن طريق التسريب المقصود لإحراج البعض والتهويل عليهم او إحراق اوراقهم المكشوفة، وتلك سمة امتازت بها بعض اجهزة المخابرات الكبرى في العالم.
في اي حال، المهم ان يستفيد بعض اللبنانيين من هذه الدروس والعبر، ويؤثروا فضيلة الصمت في مجالسهم الخاصة. فقد كان القدماء يعتمدون «حزام العفة» للحفاظ على نسائهم من الاغتصاب او الانفلات. ولعل من سخريات القدر ان نُضطرَ من الآن وصاعداً الى استخدام «حزام التعفف» للجم افواهنا عن التفلت في الكلام المباح الذي يورط اصحابه في المزالق، كما يودي بالبلد والشعب الى مزيد من المهالك. وما ينطبق علينا ينسحب ايضاً على بعض العرب وساستهم الذين يفرطون في التعبير عن مشاعرهم، ويضمرون ما لا يفعلون. فعلاً إن شر البلية ما يضحك!

تحية الافتتاح