11‏/06‏/2012

سلطة بلا استقرار ام استقرار بلا سلطة؟

واصف عواضة
السفير 11 حزيران 2012
مع النسخة الرابعة من مؤتمر الحوار الوطني، اليوم، على قوى الرابع عشر من آذار، وتحديدا حزبها الأبرز تيار «المستقبل»، المفاضلة في المرحلة المقبلة بين خيارين: إما ان تتولى السلطة في غياب الاستقرار، او تؤثر الاستقرار بعيدا عن السلطة.
هذه المعادلة ليست من باب التحذير والتهويل بقدر ما هي من باب الاستشراف والتحليل، استنادا الى المعطيات المتوفرة في لبنان وفي الجوار، خاصة بعد ان ربطت «ثورة الارز» مستقبل البلد بمصير النظام السوري، وصار من البديهي القول ان لبنان لن يقرب الاستقرار في ظل اضطراب الوضع في سوريا، الا اذا ارتد «عقل الرحمن» الى الرؤوس اللبنانية الحامية.
بداية ماذا عن آفاق الواقع السوري؟
يرسم المتابعون ثلاثة سيناريوهات للمستقبل السوري، لكنها مفتوحة على أزمنة غير محددة:
الأول، يفترض احتمال الحسم لصالح احد طرفي النزاع، النظام والمعارضة، وهو أمر مستبعد في المدى النظور. ففي حين تحافظ المؤسسات العسكرية والأمنية والادارية السورية على الحد الأقصى من التماسك وراء النظام، يبدو بحسب المتابعين ان المعارضة المسلحة تزداد عدة وعددا وتسليحا وتمويلا، ولم يعد امامها من خيار الا القتال حتى النفس الأخير او النصر، وهي تحتمي في الاحياء الشعبية حيث يجد الجيش السوري نفسه أمام حرج الحسم العسكري بالحديد والنار من دون إراقة الكثير من الدماء.
السيناريو الثاني يقوم على توافق يفضي الى تفاهم دولي، وتحديدا بين الروس والاميركيين، على صيغة تخرج سوريا من جحيم البارود والنار، الا انه على الرغم من الحديث المتنامي عن هكذا تفاهم فإن المتابعين لا يرون أفقا جديا او حقيقيا للصيغة التي يمكن ان يرسو عليها الحل، بعد تشابك المصالح الدولية وتنافرها حول المستقبل السوري.
السيناريو الثالث يقوم على افتراض الأسوأ الذي تنتظره سوريا، وهو حرب أهلية طاحنة باتت الساحة مهيأة لها، مع ما ينتج عن ذلك من خراب ودمار وتفكك يفضي في الخلاصة الى الفرز والتقسيم.
والواضح ان السيناريوهات الثلاثة مشرّعة على الوقت. ويعرف اللبنانيون جيدا معنى هذا الكلام، اذ امتدت حربهم الطويلة خمسة عشر عاما قبل التوصل الى اتفاق الطائف، ولم تنته ذيولها بعد. وعليه يبدو ربط المستقبل اللبناني بالمصير السوري كمن يكبل يديه بالاغلال ويرمي المفاتيح في البحر. وليس سرا ان الحرب الدائرة في سوريا، والقائمة على معادلة «إما قاتل أو مقتول»، لن توفر لبنان من نقمتها، بعدما تهيأت الساحة اللبنانية لمثل هذا المصير القاتم.
من هنا يبدو الحوار فرصة ثمينة للبلد عموما، ولقوى 14 آذار خصوصا، للخروج من كارثة محققة، من خلال اعتماد خيار الاستقرار ومقاربة النأي بالنفس عن الرمضاء السورية الى أبعد الحدود، والتخلص من غلواء شهوة السلطة على قاعدة «علي وعلى اعدائي».
ثمة خيار ثالث قد تكون هذه القوى اكثر ميلا اليه في هذه المرحلة، ويقوم على قاعدة «لا سلطة ولا استقرار». الا ان هذا الخيار مكلف جدا على البلد وعلى الاقتصاد الوطني الذي تتمركز قوته الاساسية في ايدي هذا الفريق، بدءا بـ«السوليدير» وليس انتهاء بالمصارف، وعليه ستكون الخسائر كارثية بنسب متفاوتة جدا بين فريقي الأزمة في لبنان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح