17‏/07‏/2012

كهـرباء يا محسـنين!

واصف عواضة
السفير 17 تموز 2012
على ابواب شهر رمضان المبارك لا يملك المواطن اللبناني غير الدعاء. وخير الدعاء بالنسبة للبنانيين في هذه الايام الملتهبة بحرّ الصيف، ان يمن الله عليهم بانحسار ساعات التقنين الكهربائي التي تصل الى حدود العشرين ساعة يوميا من أصل اربع وعشرين، في أسوا مرحلة من مراحل المعاناة الحياتية التي لم تشهد الحروب اللبنانية المتعاقبة مثيلا لها.
لا حديث للناس خارج العاصمة بيروت التي تنعم بالنور لأكثر من عشرين ساعة يوميا (اللهم لا حسد) الا حديث الكهرباء، في وقت تلقي مؤسسة كهرباء لبنان على المواطنين الوعود تلو الوعود بتحسين التغذية بالتيار، لكن من دون جدوى. فهل يصدق أحد ان «بلد النور والاشعاع»، «سويسرا الشرق»، «لؤلؤة المتوسط»، يعيش في الظلام وتحت وطأة هدير المولدات الخاصة وانبعاثاتها السامة، بينما مجاهل الكرة الارضية تنعم بالنور؟
الغريب في هذه الأزمة التي لم تعرف سبيلا الى الحل منذ نحو عقدين من الزمن، ان اللبنانيين ملتفون حول وزرائهم ونوابهم وأحزابهم العاجزين عن تأمين الحد الأدنى من الكهرباء لهم، في حين تصرف المليارات هباء كل سنة من المال العام على هذا القطاع. والمفارقة المبكية المضحكة ان الأموال المرصودة سنويا في الموازنة على خسائر الكهرباء تفوق بكثير الأموال المقدرة لانشاء بضعة معامل يمكن ان تغرق لبنان بالتيار الكهربائي وتفيض عنه. فهل يستطيع أحد ان يجيب عن هذه المفارقة العجيبة الغريبة؟
يسأل المواطنون ببراءة شديدة: لماذا «يطنّش» المسؤولون عن العروض المقدمة من اكثر من بلد لانشاء محطات كهربائية جديدة تسد حاجة لبنان، وبالتحديد العروض الايرانية التي يكاد سفير ايران في لبنان يستجدي الدولة اللبنانية العلية، كي تقبل هذه العروض المغرية التي تصل الى حد الهبة؟
ثمة من يقول ان فريقا من اللبنانيين يرفض «الاوكسيجين» المانع للاختناق، عن طريق ايران، فقط من أجل النكد السياسي. يريد اللبنانيون اسقاط الزعماء العرب وتغيير انظمتهم وهم عاجزون عن تغيير سراويلهم، ويريدون تشييد امجاد من حولهم وهم عاجزون عن بناء محطة كهرباء!
في مجلس جنوبي بعد ظهر الأحد المنصرم، ووسط هجيرة تموزالخانقة، قال قائل: يا أخي نريد الكهرباء عن طريق الشيطان، وليس عن طريق ايران فقط.
وسأل آخر: لماذا يمانع «حزب الله» وحركة «أمل» في انشاء معامل ايرانية خاصة بالجنوب على الأقل، من خارج ادارة الدولة، وليكن ما يكون؟
وقال ثالث: يا أخي اذا كان المقصود تخصيص الكهرباء فليخصصوا لنرتاح لأن ما ندفعه اليوم على المولدات والاشتراكات يوازي اضعاف ما ندفعه لمؤسسة الكهرباء.
واكتفى رابع قائلا بمرارة: يا عيب الشوم، نحن في مزرعة تافهة، ولسنا في بلد له كيان ودولة.
وعلّق خامس: يا اخوان، نحن شعب رعاع لا نستأهل الحياة.
واضاف امام دهشة الحضور: اليوم جرت انتخابات في الكورة. تهافت المسؤولون لتحريض الناس على الانتخاب، مذهبيا وسياسيا واستراتيجيا. لم يسأل أحد من المقترعين عن الكهرباء والماء والشأن المعيشي.
وخلص قبل ان يقفل النقاش: تستقيم الامور فقط عندما نصبح شعبا يجيد الانتخاب والحساب. وحتى ذلك الحين ليس امامكم يا سادة يا كرام سوى الوقوف على ابواب المسؤولين الذين اخترتموهم طوعا وقسرا، مادين ايديكم بالدعاء لهم، منادين: كهرباء يا محسنين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح