28‏/01‏/2013

قانون الانتخاب وجمعية دفن الموتى

واصف عواضة- السفير 26 ك2 2013
طالت الأزمة السورية كثيرا، وذهبت معها التوقعات والتكهنات والتمنيات أدراج الرياح، ويرجح أن تطول هذه الأزمة أكثر، ما لم يتوصل الجباران الاميركي والروسي الى تسوية صالحة تكشف عن سوريا الغمة التي تتخبط بها منذ اثنين وعشرين شهرا.
لم يسقط النظام في سوريا، بل نجح في تحويل الأزمة الى مشكلة للثورة والمعارضة وحلفائها الإقليميين والدوليين، فلا هم قادرون على التقدم ولا التراجع، حيث تدور سوريا الآن في حلقة مفرغة. نعم نجح الغرب بقيادة أميركية وحماسة عربية في تعطيل الدور السوري، من خلال إشغال النظام بهموم داخلية صرفته عن هموم المنطقة وقضاياها، ويبدو أنه ليس مطلوبا أكثر من ذلك.
وعلى الرغم من الأسى الذي يعصر كل الشرفاء العرب على مصير سوريا وشعبها، فإن ما يعني لبنان مباشرة في هذه المرحلة هو ضياع الوقت المهدور على همة الانتظار الذي فرضه اللبنانيون على أنفسهم لجلاء الوضع في سوريا وبناء مواقفهم على ما سيكون، بالرغم من التحذيرات المتتالية والاشارات الدالة على ان هذه الأزمة طويلة لأسباب داخلية سورية وإقليمية ودولية شكلت رافعة للنظام من جهة، وأوهمت المعارضة من جهة ثانية بأن الحسم قاب قوسين أو أدنى.
طوال سنتين من عمر الحكومة الميقاتية، مارس السياسيون اللبنانيون سياسة لحس المبرد، فأدموا شعبهم اقتصاديا ومعيشيا وحياتيا، وكان من الطبيعي أن يتراجع النمو في كل المجالات وتسوء الخدمات وتعجز الادارة عن معالجة المشكلات. وقد نجح فريق سياسي في تحويل هذه الحكومة الى مؤسسة لإدارة الأزمات. ولعل الصورة الأكثر تعبيرا اليوم عن هذا المناخ ما يجري حول قانون الانتخابات، حيث تتدارس الطبقة السياسية كل المشاريع المطروحة، كبيرها وصغيرها، إلا مشروع الحكومة الذي ينام في أدراج المجلس كنومة أهل الكهف.
تحول مجلس النواب الى مؤسسة تشبه جمعية دفن الموتى. مشروع الحكومة، مشروع اللقاء الارثوذكسي، مشروع فؤاد بطرس، مشروع الستين، مشروع الخمسين، مشروع الدمج بين الاكثري والنسبي، كلها باتت في ذمة الله، بانتظار أن تخرج «الأرانب» من الجيوب، فيتوافق القيمون كالعادة على مشروع يراعي الكل. وحده الوطن سيكون خارج هذه المعادلة، ولنا في الدورات الانتخابية السابقة خير مثال.
في أي حال، وبانتظار أن تفرغ جمعية دفن الموتى من الترتيبات والتعازي، فالانتخابات حاصلة، وقانونها سيخرج الى النور ولو قبل ساعة من موعدها، ولسوف يتهافت الناس على الصناديق، وسيكون هناك برلمان جديد قديم لا يختلف عن الحالي إلا ببعض الأسماء التي ستنخرط في الحياة السياسية القائمة. لن يتغير الكثير ولا القليل في اللعبة السياسية، أيا كان الفريق الفائز أو الخاسر، لأن لبنان في نظامه الطائفي عصيّ على الإصلاح والتغيير، مهما جاءت برلمانات وتبدلت حكومات، ومهما طالت الأزمة السورية أم قصرت، ومهما استمرت الرهانات. ومن يعش ير، وإن غدا لناظره قريب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح