02‏/12‏/2013

مفتاح لبنان بين السعودية وإيران

واصف عواضة- السفير 28/11/2013
يشغل اللبنانيين هذه الايام سؤال واحد: ما هي انعكاسات ومفاعيل الاتفاق النووي الإيراني على لبنان في المستقبل القريب والبعيد؟ وهل سيقطف هذا البلد الصغير ثمار الاتفاق سلباً أم إيجاباً؟.
تصعب الإجابة على هذا السؤال بصورة جازمة حالياً، وإن كانت التحليلات السياسية تسير وفق أهواء القوى اللبنانية المتصارعة، والتي ذهب بعضها بعيداً في استقراء المستقبل، استناداً الى طموحاته وآماله ورهاناته، وليس الى منطق الأمور.
قد يكون الجواب الشافي في جعبة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي تيسر له، كأول مسؤول سياسي من خارج إيران، أن يلتقي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، ويعقد معه خلوة استمرت عشرين دقيقة، وهي مدة كافية ليطرح على المسؤول الإيراني الأول سؤالاً من شأنه ان يحل اللغز اللبناني الحائر: ما هي آفاق العلاقات الإيرانية - السعودية؟.
يعرف الرئيس بري جيداً أن المرحلة اللبنانية الراهنة معقدة، وأن مفتاح التسويات للقضايا العالقة هو في يد الدولتين المؤثرتين مباشرة على لبنان، وهما السعودية وإيران.
ويعرف أيضاً أن إيران تطمح الى أفضل العلاقات مع دول الجوار، لا سيما السعودية وسائر دول الخليج، وقد سمع من وزير الخارجية الإيرانية محمد جود ظريف عزمه على إطلاع دول الجوار على تفاصيل الاتفاق بين إيران ومجموعة الخمسة زائداً واحداً، والأرجح أن تكون السعودية من بين هذه الدول، سواء بالاتصال او بالزيارة المباشرة المؤجلة منذ وصول الرئيس روحاني وحكومته الى السلطة قبل أشهر عدة.
ويعرف الرئيس بري أيضاً أن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل حالة الجمود المرتبطة بتطورات الوضع في سوريا، إذ ليس في الأفق ما يبشر بوضع حد للحرب السورية في المدى المنظور، حتى أن مؤتمر جنيف 2 الذي تحدد موعده بعد نحو شهرين، والذي يجري الرهان عليه لإنجاز حل سياسي في سوريا، هو أمر غير مضمون، وقد يتبعه جنيف 3 و4 و5 و10 قبل ان ينبلج الفجر السوري على عودة الاستقرار الى هذا البلد الممزق.
وعليه من الطبيعي أن يعوّل الرئيس بري على التفاهم السعودي الإيراني، سواء بالنسبة للبنان أم بالنسبة لسوريا والوضع الأقليمي العام وما يعتريه من شوائب، خصوصاً على مستوى الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة. فلبنان مقبل على استحقاق أساسي في الربيع المقبل من خلال انتخاب رئيس جديد للبلاد، وقبل ذلك لا يمكن أن يواجه هذا الاستحقاق بحكومة تصريف أعمال وبمجلس نيابي معطل وبقطيعة قاسية بين الأطراف اللبنانيين.
وحدها الرياض قادرة على تنفيس الاحتقان اللبناني، بما لها من دالة على طرف رئيسي ما زال يرفض الشراكة والحوار وتسهيل شؤون البلاد. لكن السعودية التي تشعر بالغضب منذ إلغاء الهجوم الاميركي على سوريا وبعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، والتي تملك أوراقاً ضاغطة في لبنان وسوريا وغيرهما، بحاجة الى تنفيس هذا الغضب من خلال لفتة إيرانية ـ أميركية تؤكد لها دورها وموقعها ونفوذها ومصالحها في المنطقة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال الجلوس الى الطاولة بما يؤدي الى تفاهم على مستقبل مطمئن للجميع. وبانتظار ذلك سيظل لبنان على لائحة الانتظار.. الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح