07‏/01‏/2014

مطلوب «جنيف» لسوريا.. وأخواتها

واصف عواضة-الاثنين 6/1/2013 - السفير
محمد الشعار وملاك زهوي وعلي خضرا، شباب في عمر الزهور ذبحهم الإرهاب بسيفه الغادر. ذرف اللبنانيون دموعاً حرّى على هؤلاء الشباب.. الأهل والأصدقاء والمعارف والمشاهدون عبر الشاشات. دم الأبرياء غال وحار جداً.
بات على اللبنانيين أن يتعايشوا مع التفجيرات المتنقلة بين أحيائهم ومدنهم ومناطقهم، تقتل من تشاء، وتجرح من تشاء، ويسقط من حساباتها طويل العمر. صارت المنايا تضرب «خبط عشواء من تُصب تُمته ومن تُخطئ يُعمر فيهرم» على حد قول الشاعر زهير بن ابي سلمى في معلقته الشهيرة.
يخرج اللبنانيون من منازلهم، أيديهم على قلوبهم. كل سيارة في طريقهم مشبوهة، هي وسائقها. يبلغون مقصدهم بشق النفس. كانوا في السابق، بسبب زحمة السير، ينشدون موكباً سياسياً أو أمنياً ليتنافسوا على اللحاق به. صاروا اليوم يتجنبون المواكب وأهلها، خشية استهداف محدد لهذا السياسي أو ذاك.
مع كل تفجير يحتل الشاشات سياسيون ومحللون وإعلاميون: يدينون، يستنكرون، يتهمون، يحرضون، يوغلون في الماضي، ينجّمون في المستقبل.. يضعون ملحاً على الجرح. قلة منهم تتقي الله في الضحايا وأهلهم المفجوعين بأحبائهم. وفي الخلاصة، كل الكلام بلا معنى. لا كلام يوازي دم الأبرياء الذين يتساقطون زرافات ووحداناً. لا عزاء يجبر خاطر أمهات وآباء محمد الشعار وملاك زهوي وعلي خضرا. حتى اكتشاف القتلة واعتقالهم لا يشفي الغليل. ثمة مئات القتلة على الطريق. هناك عشرات ماجد الماجد يتهيأون للقتل والانتحار طمعاً بالجنّة. لكن ما هو ثابت حتى الآن أن هؤلاء القتلة لن يبدلوا المشهد العام، ولن ينتزعوه من نفوس الناس، الساكن في قلوبهم وعقولهم.
خلف هذا المشهد المأساوي يدور جدل سياسي عقيم حول جنس الحكومة العتيدة. كأن الحكومة المقبلة سوف تكون خشبة الخلاص. أغلب الظن أنها لن تلجم التفجيرات والقتل المباح. أخشى ما نخشاه أن تزيد الحكومة الموعودة الوضع تصعيداً وتعقيداً اذا ما جاءت على صورة الخلاف المستفحل.
يعمل الجيش بصمت لتدارك المقدّر، بالتعاون مع القوى الأمنية الاخرى، رسمية وغير رسمية. ولكن.. لم تعد تنفع الإجراءات الوطنية المحلية في مكافحة الإرهاب الممتد من اليمن الى العراق فسوريا ولبنان ومصر وليبيا. ولن تسلم منه دول المنطقة، كل دول المنطقة، ما يستدعي خطوات على المستوى الإقليمي الدولي.
لم يعد ينفع مؤتمر جنيف لسوريا وحدها. سقوط نظامها لن يحل المشكلة. فها هي الثورة السورية، على غير عادة الثورات، يأكل بعضها بعضا قبل سقوط النظام الذي يقال إنه لم يعد واردا بعد ان صار حاجة دولية لمحاربة الإرهاب. المطلوب جنيف لسوريا وأخواتها في إطار تحالف عريض يضع حدا لهذا الجنون الذي تتسع دائرته يوما بعد يوم. والمصلحة الكبرى في هذا الامر للدول التي لم تصلها النار بعد، حيث النفط والغاز والثروات المغرية السريعة الاشتعال.
في الخلاصة، المستقبل بلا أفق على الرغم من هذيان المنجمين، والسيف عادة أصدق إنباءً من الكتب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح