16‏/11‏/2012

قبل أن تحترق صيدا مجدداً!

واصف عواضة
قاسيا وحازما وصريحا كان السيد حسن نصر الله في خطابه الاخير. لقد «بلغ السيل الزبى» ولم تعد المهادنة تنفع في مخاطبة الآخر الذي تخطى كل الحدود. هكذا يفترض الذين استمعوا الى الخطاب وقرأوا فيه أكثر من رسالة الى من يعنيهم الأمر.
المحازبون والأنصار وجمهور المقاومة كلهم في حالة غليان. «مهدئات» الأمين العام بات مفعولها خانقا. التطاول على «السيد» والمقاومة والحرمات لم يعد مقبولا مواجهته بـ«التطنيش» والأذن الطرشاء. يقول أحدهم: «الفرقة الموسيقية التي شاركت في مهرجان «يوم الشهيد»، أكثر عددا من أنصار الشيخ أحمد الأسير، فلماذا السكوت على استفزازاته وتحدياته وتطاوله؟ من قال لهم ان العقل يجب أن يحكم الامور دائما؟ صحيح ان العقلاء كثر في «قوى 8 آذار»، ولكن ثمة مجانين ايضا».
لقد شكلت الأحداث الأخيرة في صيدا مفصلا بالغ الأهمية في حياة المدينة وأهلها، وفرصة للتأمل في مستقبلها الذي قد يكون على كف عفريت اذا ما تقاعس المعنيون عن وضع حد لمحاولات الفتنة. حتى الأمس القريب كان مقبولا الحراك السلمي المدني للشيخ الأسير وأنصاره على الرغم من نتائجه السلبية على المدينة. وقد تعاطى معه الآخرون بكثير من الحكمة والعقل والاستيعاب، لكن دخول السلاح الى ساحة الحراك بدّل المعطيات ووضع ثلاث نقاط على آخر السطر. فالسلاح يستدعي السلاح، والدم يستجلب الدم، وواهم من يتخيل أن ثمة مجالا لخلق معادلة جديدة في هذه المدينة.
ان صيدا ليست طرابلس، واستقرارها ليس مطلبا جامحا لأهلها فقط. هناك نصف مليون جنوبي وفلسطيني يعبرون هذه المدينة أسبوعيا، وهي ليست عاصمة الجنوب والمقاومة من باب الفولكلور. وعليه ليس مسموحا أن تقفل صيدا على نفسها، وأن تُغلق بواباتها على الآخرين مهما كان الثمن.
أيضا، لم ينس الصيداويون بفقرائهم وأغنيائهم وتجارهم وحرفييهم، النتائج المدمرة لذلك الاعتصام الذي فرض على المدينة حصارا اقتصاديا ومعيشيا خانقا لأكثر من شهر من الزمن، وهي لم تبرأ بالكامل من انعكاساته السلبية. ويعرف الصيداويون أن أسواق بديلة نشأت خلال تلك الفترة على حساب أسواق صيدا، في صور والنبطية وبنت جبيل وشحيم وبرجا وغيرها، وهي لا تزال متأهبة لتكون بديلا دائما في حال اضطراب حبل الأمن في عاصمة الجنوب.
من هنا تبدو مسؤولية فاعليات صيدا أساسية في توفير الاستقرار الدائم للمدينة وأهلها وجيرانها، ومصلحتهم تقضي بالتحرك السريع لإزالة الهواجس ووضع حد لكل المحاولات الرامية الى النيل من استقرار مدينتهم، كي لا يضطر غيرهم الى القيام بهذه المهمة، اذا ما تمادى البعض في حفلة الجنون على حد وصف كبير عقلاء صيدا الشيخ ماهر حمود.
وفي هذا الإطار، يتحمل تيار «المستقبل» بالذات المسؤولية الكبرى في هذا المجال، اذ لا يخال عاقل أن آل الحريري يرغبون في قتل مدينتهم على الرغم من بعض الخطاب السياسي والاعلامي الذي يفتقر الى الحكمة.
ثمة مجال بعد للعقل والحكمة قبل أن تحترق صيدا مرة أخرى. وثمة مكان غير صيدا وزواريبها لنيل الشهادة من أجل كرامة الأمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح