19‏/10‏/2011

إلى أجمل الأمهات

واصف عواضة
كان مشهداً رائعاً ذلك الذي حضر في غزة ورام الله أمس في استقبال قوافل الأسرى الفلسطينيين العائدين من ظلمة السجون الى نور الحرية.
عذراً... لا يستطيع أن يقدّر أو يفهم حقيقة هذه اللحظة اكثر من الأسير وأهله، خصوصا تلك الأم التي انتظرت ابنها طويلاً وعاد..هي أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها، لكنه لم يعد مستشهداً.
ما زلت اذكر جيداً ذلك اليوم الذي خرجت فيه من الأسر الاسرائيلي في تموز عام 1973 بكل بهجته ومشاعره.لكن ما يعلق في داخلي منذ ثمانية وثلاثين عاماً، ذلك الصباح الاول من الحرية الذي أفقت فيه مذعوراً وأنا أجد والدتي تنام عند قدمي, وقد احتضنتهما بكل حنان الأم وشوقها الى وحيدها.عانقتها طويلاً وبكيت وبكت وانهمرت دموع اشعر انها ما زالت عالقة على خديّ حتى اليوم.
وأخبرني الزميل والصديق حلمي موسى عن ليلة الإفراج عنه بعد سنوات الأسر الطويلة، اذ وصل الى منزل ذويه في غزة بعيد منتصف الليل، فقامت والدته من توّها وعمّرت «مِقلى السمك» في تلك الساعة المتأخرة من الليل، لأنها تعرف ان حلمي يحب السمك المقلي، فلم تتأخر عن تلبية رغبته المكبوتة.
عشرات الأمهات في غزة ورام الله انتظرن ابناءهن أمس بتلك المشاعر الفياضة. وعشرات الأسرى في الوقت نفسه عادوا فلم يجدوا أمّا في انتظارهم، لأن القدر خطفها في غيابهم، قبل ان يولدوا من جديد. لكن كل أم فلسطينية كانت تشعر امس انها والدة أسير. كل الأمهات الفلسطينيات في الوطن والشتات بكين أمس دموع الفرح. كل الآباء شعروا من جديد بالأمل. كل المقاومين الفلسطينيين راودتهم أمس نوبة التحرير والحرية. لم ينغصّهم بالطبع كلام نتنياهو وباراك وكل ما فيه من حقد اسود. كل الفلسطينيين في الداخل كانوا يصرخون في داخلهم مع الصديق الشاعر حسن عبد الله والفنان مارسيل خليفة.. يهتفون لأجمل الامهات:
صامدون هنا
قرب هذا الدمار العظيم
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير...
صامدون هنا... صامدون هنا
باتجاه الجدار الأخير
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير
صامدون هنا... صامدون هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح