17‏/12‏/2010

حكومة «الكوما» للناس: فشلنا.. والسلام عليكم!

واصف عواضة
 السفير" -السبت 18 كانون اول 2010

   لم يبق من الحكومة الحريرية شيء يستوجب استمرارها في ادارة السلطة التنفيذية في لبنان. لقد ماتت هذه الحكومة سريريا في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة مساء الاربعاء الماضي، او هي على الأقل دخلت في «الكوما». ويعلم الله وحده ما اذا كانت ستفيق من الغيبوبة، ام ستدخل في ذمة الباري عز وجل فجأة، والبقاء لله وحده.
ان التأمل في الغد يفضي الى حقائق منطقية لا تحتمل الجدل ولا بد من الاعتراف بها، ما يستدعي قرارات أخلاقية في مستوى الواقع الذي تتداعى حيثياته شيئا فشيئا باتجاه سقوط الهيكل على رؤوس الجميع.
من هذه الحقائق ان هذه الحكومة تسربلت بلباس المحكمة الدولية، وهي تتعثر يوما بعد يوم بسروال شهود الزور الذي يبدو فضفاضا عليها، فيما وصلت التسويات كما يبدو في هذا المضمار الى طريق مسدود. وأغلب الظن ان الامور سوف تتعقد أكثر فأكثر بعد صدور القرار الاتهامي الموعود، ما يحول دون مجرد التفكير حتى في إمكان جمع هذه الحكومة الى طاولة واحدة.
ومن هذه الحقائق ان طرفي الحكومة يبدوان كمن أحرق مراكب العودة. فرئيسها سعد الحريري ليس في وارد التراجع أو التنازل، إما عن قرار ذاتي، أو عن عدم قدرة على ذلك تبعا للظروف والاجواء المحيطة به من كل جانب. وهو أسرّ قبل فترة لمقربين منه بأن حجم الضغوط المتناقضة التي يتعرض لها إقليميا ودوليا، قد أوهن جسده، وتعجز الجبال عن تحمله. أما «المعارضة الحكومية» فقد استنفدت كما يبدو كل الرصيد الذي تختزنه في مجال التنازل، وهي وصلت الى الخطوط الحمر التي لا تستطيع بعدها التلاعب بمصيرها ومصير المقاومة.
ومن هذه الحقائق ان هموم الناس تتعاظم شيئا فشيئا في ظل الغلاء المتصاعد وانهيار مداخيلهم، وفي غياب المعالجات الضرورية للازمات المستفحلة، ما يدفع الى التكهن بتوترات معيشية واجتماعية وإدارية وأمنية وانفلات الحبال على غاربها وعلى أكثر من مستوى.
ويبدو انه كلما طال أجل إصدار القرار الاتهامي كلما طالت فترة «الكوما الحكومية»، وهذا يعني المزيد من الجمود والشلل في بلد باتت كل الطبقات تضج من واقعه المتداعي. وعليه لا بد من خطوة جريئة تهز الضمائر وتحرك الجمود القاتل.
ان حكومة تعيش على «التنفس الاصطناعي»، فيما شعبها «مقطوع النفس»، يفترض برئيسها ووزرائها إخلاء الساحة لحكومة جديدة، أيا كان شكلها، تتولى على الأقل ادارة شؤون الناس وهمومهم المعلقة على صليب الازمات التي تفرخ أزمات متلاحقة يوما بعد يوم. فالفشل تعبير ملطف لحال هذه الحكومة التي مضى على تشكيلها أربعمئة وستة أيام بالتمام والكمال، لم تتمكن خلالها من معالجة قضية واحدة من القضايا التي تنوء بحملها البلاد والعباد. وبعيدا عن الاسباب التي دفعت الى هذا الواقع. وبعيدا عن الرأي القائل بفشل تجارب حكومات الوحدة الوطنية. وبغنى عن تقاذف المسؤوليات بين جناحيها، ليس عيبا ان تطل هذه الحكومة على الناس وتقول لهم: اعذرونا.. لقد فشلنا، والسلام عليكم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح