10‏/12‏/2010

صراع بين الوزير الياس المر وجريدة "الأخبار"

كتب الزميل ابراهيم الأمين في عدد جريدة "الاخبار" بتاريخ الاربعاء 8 كانون الاول مقالا بعنوان :من يحاسب الياس المر ,تعليقا على ما نشره موقع "ويكليكس" من محضر لقاء بين المر وسفيرة الولايات المتحدة السابقة في لبنان ميشال سيسون0

وجاء في المقال: إذا كانت وثائق ويكيليكس مؤداها فتح باب المساءلة أو المحاسبة ، فلا أحد يتوقع عقابا للدبلوماسيين الأميركيين حول العالم أشد من الملل والكلام الرسمي العام الذي سيسمعونه من الآن فصاعدا. سوف تضطر الولايات المتحدة إلى تنشيط عمل المجموعات الاستخبارية التي يمكن أن تكون لقاءاتها خارج النظام التقليدي ، فلا من يكتب محضرا ولا من يفرض عليه إيداع برقياته في أرشيف يسهل الوصول إليه.

لكن ذلك لا يكفي ، لأن في بعض دول العالم لا بد من مساءلة للسياسيين المحليين والرسميين ، وخصوصا أولئك الذين سبق أن ضبطوا متآمرين شعوبهم على ، غير أنهم ضبطوا الآن مع وثائق رسمية لا يمكن نفيها.

لكن عندنا في لبنان ، الوضع مختلف. تجرأ البعض على شتم «السفيرة البلهاء» ميشيل سيسون واتهامها بالتخيل وخلافه ، لكن أيا من هؤلاء لا يجرؤ على انتقاد سلفها السفير جيفري فيلتمان. ماذا لو كانت محفظة الرفيق جوليان أسانج تحوي رسائل فيلتمان وتقرر نشرها في وقت ما؟

مروان حمادة ، الذي أدار معركة بوجه شبكة المقاومة اتصالات ، تبين أنه لجأ الى حماية نفسه يومها من ، أو ربما سعى هو بعد أحداث 7 أيار إلى محو آثار الجريمة. أليس غريبا اختفاء كل الوثائق التي استند إليها مجلس الوزراء في قراره الشهير في 5 أيار عام 2008 ، وأن لا أثر لها في وزارة الاتصالات وملحقاتها؟

أما الياس المر ، فهو في حالة بائسة كثيرة لأسباب. لم يتح له الفوز مرة إلا بثقة المرشحين لرئاسة الجمهورية. وأساس الثقة هذه ، يعبر عنها هؤلاء بأن المر يمكن أن يؤدي دورا مساعدا مع الأميركيين نتيجة علاقته القوية بهم. وحتى لا يبقى الأمر مجرد تكهنات ، تكشف وثائق «ويكيليكس» طبيعة هذه العلاقة القوية بين المر وبين الأميركي الجانب ، وهي علاقة تجاوزت تفاهم الطباع أو تقبل الآخر ، لتلامس حدود التفاعل إزاء ما يمكن وصفه بقضايا مشتركة. وهذا هو بيت القصيد.

في هذه الحالة من يحاسب من؟

إذا كانت طبيعة المؤسسات الدستورية في لبنان تخضع لتوازنات من النوع الذي لا يؤمل منها محاسبة جدية ، فإن المشكلة هي في سلطة نفسها القضاء ، كما ظهر من الشعارات التي رفعت في حفل افتتاح السنة القضائية. صارت تلجأ إلى حملة تسويق لصورتها على طريقة حليب الأطفال ، فيما هي لا تقوى على المبادرة إلى ملاحقة سارق أو قاتل أو متآمر... أللهم إلا إذا قررت الانتفاضة ولاحقت من ينتقدها من الصحافيين. ألم يرفع القاضي أنطوان خير على «الأخبار» دعوى لأنها نشرت خبرا يرجح بقوة أنه لم يكن صحيحا؟ فماذا يقول عن الوثيقة الأميركية التي تشير إلى حضوره اجتماعا سياسيا دبلوماسيا في منزل وليد جنبلاط ، بحث خلاله في آليات التدخل السياسي في عمل التحقيق الدولي؟ هل من توضيح مقنع يصدر عن هذا القاضي الرفيع؟

وليد جنبلاط ، سبق أن أوضح للرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصر الله خلفية ما أطلقه من مواقف في «حقبة الغشاوة» ، وهو لا يرى ما يوجب عليه نفي مضمون الوثائق الأميركية أو التشكيك لأنه فيها ، بساطة بكل ، يعرف أن مساءلته ستظل محصورة في المقابل الطرف له. لن يخرج أحد من أنصاره ليرفع السبابة بوجهه واتهامه بأنه خانهم أو ضللهم. وبالتالي ، فإن شخصا مثل جنبلاط وليد ، لن يكون قادرا على محاسبة أحد من حوله.

ميشال سليمان يمارس هويته المفضلة في الصمت عن هذه الأمور. هو حتى اللحظة لم يقل كلمة واحدة إزاء ما نقل عن ممثله في الدفاع الوطني الياس المر ، وهو الذي كان حتى الأمس يتحدث بثقة كبيرة عن النشيط الوزير ، تماما كما هو موقف قيادة الجيش. وقد يكون التفسير الأقرب الى العقل لصمت رئيس الجمهورية ، هو أن بمقدور المبادرة المر ، من دون انتظار وثائق ويكيليكس بشأن سليمان انتخاب ، إلى كشف المستور عنه في المراسلات الأميركية سليمان حول ، قائدا للجيش أو رئيسا للبلاد؟

لكن ، من ثانية جهة ، يجب طرح الأسئلة التي لا مفر منها : أولوية المعارضة ، ولا سيما حزب الله ، هي المحكمة. وكل ما ورد في «ويكيليكس لبنان» يتصل بالمحكمة والتآمر على المقاومة. حتى إن الياس المر ألمح أمام دبلوماسيين أميركيين (حسب إحدى الوثائق) بأن الشهيد عماد مغنية يقف خلف الاغتيالات في لبنان... وبالتالي ما هو موقف حزب الله؟

ِ

رد المر

وقد رد الوزير المر في 9 كانون اول على "الاخبار" في بيان اعلن فيه عن مقاطعته جلسات مجلس الوزراء وجاء فيه: "فعلاً من يحاسب من؟ من يحاسب الياس المر او من يحاسب قتلة الياس المر؟، ومن يحاسب الشهداء والابرياء الذين سقطوا بالاغتيال ومحاولات الاغتيال او من يحاسب قتلة الشهداء والناجين من الاغتيال؟".

وأضاف: "من يحاسب شهود الزور الفعليين الذين يهددون ويحرضون ويبيحون دماء اللبنانيين؟، ومن يحاسب الذي يحول المقتول الى قاتل؟ ومن يحاسب المحرضين على التصفية السياسية بعد محاولات التصفية الجسدية؟".

وتساءل المر في بيانه: "من يحاسب الذين يحاولون التدمير السياسي والمنهجي لمقومت البلد ومؤسساته الشرعية، ان كانت قضائية او سياسية او عسكرية او امنية؟، ومن يحاسب المحرضين على الفتنة بين اللبنانيين عشية القرار الظني وبوادر التسوية السورية-السعودية؟، ومن يحاسب الذين يتهمون الاخرين بالعمالة وهدر دمائهم لمجرد الاختلاف معهم بالرأي او بناءً على كلام مفبرك ومغلوط فيما يرفض اللبنانيون اي قرار ظني من المحكمة الدولية غير مبني على ادلة واثباتات دامغة؟".

وأضاف: "من يحاسب اصحاب شعار "من ليس معنا ، فهو متآمر علينا" ويوزعون شهادات الوطنية او يحجبونها؟، ومن يحاسب الذين يستهدفون رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ويأخذون عليه صمته بدل ان يقدروا له حكمته في حماية السلم الاهلي ومقاومة التدمير المنهجي للبنان ومؤسساته الشرعية؟، ومن يحاسب من يستهدف رئيس الحكومة ويحوله من صاحب الحق الى "محقوق"؟".

وإذ وضع المر هذه الاسئلة بين ايدي الشعب اللبناني والقضاء الذي يحكم باسم الشعب، أعلن انطلاقاً من كل ما تقدم، "عدم مشاركته في أي جلسة لمجلس الوزراء اذا لم يدرج كأول بند على جدول الاعمال بند محاسبة المحرضين الفعليين على القتل والكراهية والفتنة في لبنان لينضموا الى بند شهود الزور".





رد الأمين



وقد رد الزميل الامين الجمعة بتاريخ 10 ك 1 2010 على المر في مقال كتبه في "الاخبار" وجاء فيه:





في مثل هذه الأوضاع، كيف نتصرف؟ كيف كان جوزف سماحة ليتصرّف؟

تمرين نضطرّ إليه بين وقت وآخر، ليس فقط لمحاولة استخدام آلات القياس التي كان يعتمدها في مقاربة استحقاقات كالتي تواجه «الأخبار » اليوم. بل للإمساك بالعصا من المكان المناسب.

ليس الوسط بالضرورة هو المكان الأمثل، بل ربما على العكس،

وفي مرات كثيرة، يكون الواجب أن تمسك بها من طرف يتيح استخدام الطرف الآخر بوجه من يستحقّ رفع العصا بوجهه،أو حتى استخدامها ضده.

أتذكّر الآن، يوم شن وزير العدل الأسبق شارل رزق حملة عنيفة على «الأخبار »، اتهمها بأشياء وأشياء، وحاول مجاراة قضاة وسياسيين، وربما أوضحت وثائق ويكيليكس المنشورة أخيراً طبيعة العلاقات التي جمعت بين هؤلاء. كتب جوزف سماحة

يومها، داعياً شارل رزق الى تحسّس جبينه. كان يقول له: إن ما

اتهمت به «الأخبار » من أن ما فعلته وصمة عار هو أمر يناسبك

أنت.

الآن، نحن أمام إلياس المرّ من جديد. يقول وزير العهدين، إن

«الاخبار » نشرت وثائق دبلوماسية أميركية تشمل أحاديثه

مع الدبلوماسيين الأميركيين في بيروت، لكنها ما كانت لتقدم

على ذلك لولا اشارة من حزب الله . هو هنا يعيد الكرة من

جديد. تماماً كما فعل يوم نشرت «الأخبار » تقريراً عن العميل

الفارّ غسان الجدقال المر إن هذه المعلومة ما كانت لترد في

« الاخبار لولا حزب الله0ثم يقول امس ان المسؤول الاول في الاخبار ماكان ليكتب عني بهذه الطريقة لولاموافقة حزب اللهعلى ذلك0 وبعد أن يورد هذه الاحتجاجات،

تراه يتجه باللوم الى حزب الله، سائلاً: ماذا فعلت معكم؟ ألم

أرتب لكم مخرجاًلحادثة المروحية في سجد؟الم اغط على

عمليات نقل السلاح من البقاع الى بيروت والجنوب؟ ألم أمنع

تصوير شاحنة محملة بالأسلحة سبق أن انحرفت وسقطت

على جانب الطريق؟ أل_م اوفر لكم ما طلبتم من رخص السلاح

من دون سؤال عن هذا أو ذاك؟ ألم أتعاون معكم في ملف تعيين

بعض الضباط الكبار في الجيش لطمأنتكم؟

وحده الله يعلم ما بين حزبه وبين المر0لكن الاخير اراد اختراع "ويكليكس" خاص به وعلى طريقته . قرر هو تسريب تفاهماته مع حزب الله لتحقيق توازن بينها وبين وثائق الخارجية الاميركية المنشورة على موقع «ويكيليكس »عن تفاهمات مع عدو حزب الله الاول ,اي الادارة الاميركية0



ربما كان على وزير الدفاع أن ينتبه الى أن الأمور لا تسير دائماً على الطريقة اللبنانية نفسها. قدم للرأي العام بياناً اتهم فيه السفيرة الأميركية السابقة ميشيل سيسون بأنها قدمت صورة مجتزأة وغير دقيقة. ثم بعد أيام،وزع بيانا قال فيه ان الزميل غسان شربل رئيس تحرير "الحياة، لم يزره منذ 4 سنوات، وذلك في معرض نفيه لما ورد

في برقية أخرى نسب فيها المر الى شربل كلاماً سمعه الأخير

من الرئيس السوري بشار الأسد.

يومها لم تتدخل «الأخبار » في التعليق على هذه الرسائل. ولم

تشر الى التواصل بين المر والدبلوماسي الأميركي «الصديق »

جيفري فيلتمان، وحفلات العتاب التي أنهكت السفير الأميركي

السابق بسبب أخطاء تلميذته البلهاء.

كما لم تشر «الأخبار » الى أن المر طلب من ضابط كبير أن يدعو

شربل الى لقاء عقد في منزل المر وقيل خلاله الكثير. لكن شربل

لم يكن ليتوقع أن يكون في الغرفة من يسجّل كلاماً يعيد تلاوته

أمام دبلوماسي تب أنه هو الآخر يحمل آلة التسجيل الخاصة

به.

ثم إن «الأخبار » لم تشر في سياق هذا السجال الى ما حاول المر انتزاعه من مواقف خارجية ، متناسياًانه ، منذ اليوم الأول لانطلاقة أكبر عملية فضح للإرهاب الأميركي من

خلال نشروثائق اميركية لم يحصل أن صدر بيان واحد او موقف واحد رسمي او غير رسمي عن العاصمة الاميركية ينفي صحة ما ينشر.ومع ذلك لم يتعظ المر بل بادر الى التصرف بتوتر وهاجم "الاخبار" واتهمها بأنها من المحرّضين على القتل والاغتيال

السياسي،وهو الذي لا يجرؤ ، لسبب لا نجهله، على توجيه

إصبع الاتهام الى أصدقائه الأميركيين لكونهم في أول القصة

وآخرها، من كتب الوثائقومن سرب المحادثات ، وإن نشرها

في «الأخبار أو في صحف عالمية أو في موقع «ويكيليكس »

ليس سوى محاولة لنزع الأقنعة عن الوجه الأميركي أولاً، وعن

وجوه من أرادوا تمضية حياتهم يرتدون الأقنعة والقفازات.

وها هو المر يعيد الكرة الآن. ولأننا في «الأخبار » لسنا في وارد

التنازل عن حقنا في النشر، وقول ما يجب قوله ضمن الحدود

التي يلزمنا بها القانون، أو تلك الحدود التي يجب أن تتوسع

على أيدي حفنة من الثوار، الذين يرافقون جوليان أسانج في رحلة مقاومة الرعب الاميركي ولأننا في الاخبار لن نقف خائفين أمام محاولات تدمير أدوات النشر الخاصة بنا،

سواء تلك التي يحلم رئيس الحكومة سعد الحريري بتدميرها

)االجريدة( أو تلك التي عمل قراصنة باتوا معروفين بالاسم

والعناوين على تدميرها )الموقع الإلكتروني(.

ونحن إزاء كل رسائل الترهيب المغلّفة بالابتسامات الصفراء،

لا نملك أن نتراجع عن مخاطبة المرّ ومن معه، ومن خلفه، ومن

أمامه قائلين: كد كيدك، واسعَ سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا

تمحو ذكرنا، فما أيامك إلا عدد، وما جمعك إلا بدد!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح