30‏/12‏/2010

2011: سنة الرغيف!

السفير 30 كانون اول 2010
واصف عواضة
تحت جنح التخلي وخلف عباءة السياسة، يتسلل الغلاء الى بيوت الناس وأجورهم المستباحة. يصرخ هؤلاء في أعماقهم من فرط الوجع، بسبب اليأس والاحباط، فلا يسمع صوتهم أحد، لأن ساستهم منشغلون بما هو أشد وأدهى وأهم من لقمة العيش، ولأن اتحاداتهم النقابية غائبة ومغيبة عن السمع.
تُنسب الى الامام علي بن ابي طالب المقولة الشهيرة «لو كان الفقر رجلا لقتلته»، والى الصحابي ابي ذر الغفاري «إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك» ويقول شاعر «ظريف» في الفقر:
يمشي الفقير وكل شيء ضده
والناس تُغلق دونه أبوابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة
خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقيرا عابرا
نبحت عليه وكشّرت أنيابها
يُستدل من هذه المقولات والابيات أن الفقر ملازم للقتل والكفر وسطوة الكلاب. وهذه موبقات ثلاث حمانا الله من جحيمها. ونسأل المولى الا نصل الى زمن نتقاتل فيه والكلاب على كسرة الخبز، لشدة المعاناة التي تغزو بلدنا وتتصاعد بين أهلنا وتتسرب ببطء الى واقعنا. ولأن المواطن لم يعد بحاجة الى مزيد من المعرفة في قاموس الغلاء الذي بلغته الاحوال المعيشية في الاشهر الاخيرة من السنة الحالية التي تلفظ انفاسها الأخيرة، فإن السنة المقبلة ستكون «سنة الرغيف» من دون منازع، باعتبار ان ثمة عائلات مستورة كثيرة في البلد باتت تعيش فقط على فتات الخبز.
قبل ايام وعد رئيس الاتحاد العمالي العام الاستاذ غسان غصن بالتحرك الفاعل للاتحاد مع مطلع العام الجديد. لكن العامة من الناس ليست مؤمنة بفعالية الاتحاد العمالي وتحركاته، خصوصا وأن تظاهراته واحتفالاته ومهرجاناته في السنوات الماضية، باتت تحشد من رجال الأمن والاطفاء والدفاع المدني اكثر من عديدها الجماهيري. والحق يقال في هذا الواقع ان العيب ليس في القطاعات النقابية فقط، بل هو في الناس ايضا واحزابها ومثقفيها ومفكريها واعلامييها ومنظريها على السواء. وهذا يعني ان الخلل المعيشي في لبنان ليس محصورا بطرف معين، بل هو مسؤولية مشتركة على عاتق كل افراد «الشـعب اللبناني العنيد».
في اي حال من الطبيعي ان تتحرك النقابات مع العام الجديد. ولكن اذا صح الحديث عن التسوية السياسية مع مطلع العام، فإن الهم المعيشي لن يتصدر بالضرورة الاولويات المطروحة امام السلطات المعنية بمعالجة الشؤون الحياتية، خصوصا اذا صدقت التوقعات بأن التسوية تتضمن تشكيل حكومة جديدة نعرف سلفا أن فترة تأليفها ستكون مفتوحة كسابقاتها. عندها لن يكون العام المقبل «سنة الرغيف» في مضمونه «الثوري»، بل سيكون «سنة البحث عن الرغيف»، للناس والكلاب على السواء.
كل عام وانتم بخير!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تحية الافتتاح